معالج ضوئي ثوري لمعالجة إشارات الجيل السادس اللاسلكية
التحديات المتزايدة في إدارة الطيف اللاسلكي
مع تزايد عدد الأجهزة المتصلة وزيادة الطلب على عرض نطاق ترددي أكبر لأداء مهام مثل العمل عن بُعد والحوسبة السحابية، يصبح من الصعب للغاية إدارة الكمية المحدودة من الطيف اللاسلكي المتاح لجميع المستخدمين. تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي حاليًا لإدارة الطيف اللاسلكي ديناميكيًا، بهدف تقليل زمن الوصول وزيادة الأداء. ومع ذلك، فإن معظم أساليب الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تصنيف ومعالجة الإشارات اللاسلكية تستهلك طاقة كبيرة ولا تستطيع العمل في الوقت الفعلي.
معالج ضوئي عالي السرعة والكفاءة
قام باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بتطوير مُعجّل أجهزة ذكاء اصطناعي جديد مصمم خصيصًا لمعالجة الإشارات اللاسلكية. يُجري هذا المعالج الضوئي العمليات الحسابية للتعلم الآلي بسرعة الضوء، ويُصنّف الإشارات اللاسلكية في غضون نانوثانية. يتفوق هذا المعالج الضوئي بحوالي 100 مرة على أفضل البدائل الرقمية، مع تحقيق دقة تصل إلى 95% في تصنيف الإشارات. كما يتميز هذا المُعجّل الجديد بأنه قابل للتطوير والمرونة، مما يسمح باستخدامه في مجموعة متنوعة من تطبيقات الحوسبة عالية الأداء. وفي الوقت نفسه، فهو أصغر حجمًا وأخف وزنًا وأقل تكلفة وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة من مُعجّلات أجهزة الذكاء الاصطناعي الرقمية.
تطبيقات مُتعددة في الجيل السادس اللاسلكي وما بعده
يمكن أن يكون هذا الجهاز مفيدًا بشكل خاص في تطبيقات الجيل السادس اللاسلكي (6G) المستقبلية، مثل أجهزة الراديو المعرفية التي تُحسّن معدلات البيانات من خلال تكييف صيغ التعديل اللاسلكي مع بيئة الاتصال اللاسلكية المتغيرة. من خلال تمكين جهاز طرفي من إجراء عمليات حسابية للتعلم العميق في الوقت الفعلي، يمكن أن يوفر هذا المُعجّل الجديد تسريعًا كبيرًا في العديد من التطبيقات التي تتجاوز معالجة الإشارات. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد المركبات الذاتية القيادة على اتخاذ ردود أفعال فورية على التغيرات البيئية، أو تمكين أجهزة تنظيم ضربات القلب الذكية من مراقبة صحة قلب المريض باستمرار.
تصميم مبتكر: شبكة عصبية ضوئية متعددة الضرب بتحويل التردد التناظري (MAFT-ONN)
تعتمد مُعجّلات الذكاء الاصطناعي الرقمية المتطورة لمعالجة الإشارات اللاسلكية على تحويل الإشارة إلى صورة وتشغيلها عبر نموذج تعلّم عميق لتصنيفها. بينما يُعد هذا النهج دقيقًا للغاية، إلا أن الطبيعة المكثفة من الناحية الحسابية للشبكات العصبية العميقة تجعله غير عملي بالنسبة للعديد من التطبيقات الحساسة للوقت. تُسرّع الأنظمة الضوئية الشبكات العصبية العميقة من خلال ترميز ومعالجة البيانات باستخدام الضوء، وهو أيضًا أقل كثافة من حيث استهلاك الطاقة من الحوسبة الرقمية. لكن الباحثين واجهوا صعوبة في تحقيق أقصى قدر من أداء الشبكات العصبية الضوئية متعددة الأغراض عند استخدامها لمعالجة الإشارات، مع ضمان قابلية الجهاز الضوئي للتطوير.
قام الباحثون بحل هذه المشكلة من خلال تطوير بنية شبكة عصبية ضوئية مُخصصة لمعالجة الإشارات، والتي أطلقوا عليها اسم “شبكة عصبية ضوئية متعددة الضرب بتحويل التردد التناظري” (MAFT-ONN). تعالج MAFT-ONN مشكلة القابلية للتطوير من خلال ترميز جميع بيانات الإشارة وإجراء جميع عمليات التعلم الآلي ضمن ما يُعرف بمجال التردد – قبل تحويل الإشارات اللاسلكية إلى إشارات رقمية.
نتائج البحث وخطوات المستقبل
أظهرت الاختبارات التي أجراها الباحثون على هيكلية الشبكة في عمليات المحاكاة أن الشبكة العصبية الضوئية حققت دقة 85% في عملية واحدة، والتي يمكن أن تصل بسرعة إلى أكثر من 99% باستخدام قياسات متعددة. لم تتطلب MAFT-ONN سوى حوالي 120 نانوثانية لإتمام العملية بأكملها. بينما تستطيع أجهزة التردد اللاسلكي الرقمية المتطورة إجراء الاستدلال باستخدام التعلم الآلي في غضون مايكروثانية، يمكن للأنظمة الضوئية القيام بذلك في نانوثانية أو حتى بيكوثانية.
يسعى الباحثون في المستقبل إلى استخدام ما يُعرف بـ “خطط التعدد” لزيادة عدد العمليات الحسابية وتطوير MAFT-ONN. كما يرغبون في توسيع عملهم ليشمل بنى تعلّم عميق أكثر تعقيدًا يمكنها تشغيل نماذج المُحوّل أو نماذج اللغات الكبيرة (LLMs).
اترك تعليقاً