روبوت ذكي لقياس خصائص المواد شبه الموصلة بسرعة ودقة عالية

مقدمة

يسعى العلماء جاهدين لاكتشاف مواد شبه موصلة جديدة من شأنها تعزيز كفاءة الخلايا الشمسية والإلكترونيات الأخرى. إلا أن وتيرة الابتكار تعيقها سرعة قياس الباحثين اليدوية لخصائص المواد المهمة. وقد طور باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نظامًا روبوتيًا آليًا بالكامل من شأنه تسريع هذه العملية.

النظام الروبوتي الآلي

يستخدم هذا النظام مُسبارًا روبوتيًا لقياس خاصية كهربائية مهمة تُعرف باسم التوصيل الضوئي (photoconductance)، وهي مدى استجابة المادة كهربائيًا لوجود الضوء. يُدمج الباحثون في هذا النظام معرفةً متخصصةً في مجال علوم المواد من خبراء بشريين في نموذج التعلم الآلي الذي يوجه عملية صنع القرار لدى الروبوت. يُمكّن هذا الروبوت من تحديد أفضل المواقع للتلامس مع المادة باستخدام المُسبار للحصول على أكبر قدر من المعلومات حول توصيلها الضوئي، بينما تجد إجراءات التخطيط المتخصصة أسرع طريقة للتحرك بين نقاط التلامس.

نتائج الاختبار

خلال اختبار استمر 24 ساعة، قام المُسبار الروبوتي الآلي بأكثر من 125 قياسًا فريدًا في الساعة، بدقة وموثوقية أكبر من الأساليب الأخرى القائمة على الذكاء الاصطناعي. من خلال زيادة السرعة بشكل كبير التي يمكن بها للعلماء تحديد خصائص المواد شبه الموصلة الجديدة، يمكن لهذه الطريقة أن تحفز تطوير الألواح الشمسية التي تنتج المزيد من الكهرباء.

آراء الخبراء

يقول البروفيسور توني بوناسيسي، أستاذ الهندسة الميكانيكية والمؤلف الرئيسي للبحث: “أجد هذه الورقة البحثية مثيرة للغاية لأنها توفر مسارًا لأساليب التوصيف التلقائية القائمة على التلامس. لا يمكن قياس كل خاصية مهمة للمادة بطريقة غير تلامسية. إذا كنت بحاجة إلى الاتصال بعينتك، فأنت تريد أن يكون ذلك سريعًا وأن تزيد من كمية المعلومات التي تحصل عليها”.

منهجية البحث

منذ عام 2018، يعمل الباحثون في مختبر بوناسيسي على إنشاء مختبر لاكتشاف المواد آليًا بالكامل. وقد ركزوا مؤخرًا على اكتشاف بيروفسكايت جديدة، وهي فئة من المواد شبه الموصلة المستخدمة في الخلايا الكهروضوئية مثل الألواح الشمسية. في أعمال سابقة، طوروا تقنيات لتوليف وطباعة مجموعات فريدة من مادة البيروفسكايت بسرعة. كما صمموا طرقًا قائمة على التصوير لتحديد بعض خصائص المواد المهمة. لكن التوصيل الضوئي يتميز بدقة أكبر من خلال وضع مُسبار على المادة، وتسليط الضوء، وقياس الاستجابة الكهربائية.

يقول ألكسندر (أليكس) سيمن، الباحث الرئيسي: “لكي يعمل مختبرنا التجريبي بسرعة ودقة قدر الإمكان، كان علينا التوصل إلى حل ينتج أفضل القياسات مع تقليل الوقت الذي يستغرقه تشغيل الإجراء بأكمله”.

تطلب ذلك دمج التعلم الآلي والروبوتات وعلوم المواد في نظام آلي واحد. يبدأ النظام الروبوتي باستخدام كاميرته المدمجة لالتقاط صورة لشريحة مطبوعة عليها مادة البيروفسكايت. ثم يستخدم رؤية الكمبيوتر لتقطيع تلك الصورة إلى مقاطع، يتم تغذيتها إلى نموذج شبكة عصبية تم تصميمه خصيصًا لدمج الخبرة المتخصصة من الكيميائيين وعلماء المواد.

يضيف سيمن: “يمكن لهذه الروبوتات تحسين قابلية تكرار عملياتنا ودقتها، لكن من المهم أن يكون هناك إنسان في الحلقة. إذا لم يكن لدينا طريقة جيدة لدمج المعرفة الغنية من هؤلاء الخبراء الكيميائيين في روبوتاتنا، فلن نتمكن من اكتشاف مواد جديدة”.

النتائج والتأثير

يستخدم النموذج هذه المعرفة المتخصصة لتحديد النقاط المثلى لتلامس المُسبار بناءً على شكل العينة وتكوينها المادي. يتم تغذية نقاط التلامس هذه إلى مُخطط مسار يجد الطريقة الأكثر كفاءة للوصول إلى جميع النقاط. تُعد قابلية التكيف لهذا النهج القائم على التعلم الآلي مهمة بشكل خاص لأن العينات المطبوعة لها أشكال فريدة، من قطرات دائرية إلى هياكل تشبه حلوى الجيلي.

بمجرد أن يجد مُخطط المسار أقصر مسار، يرسل إشارات إلى محركات الروبوت، التي تتحكم في المُسبار وتقوم بالقياسات في كل نقطة تلامس بسرعة متتالية. يكمن مفتاح سرعة هذا النهج في الطبيعة ذاتية الإشراف لنموذج الشبكة العصبية. يحدد النموذج نقاط التلامس المثلى مباشرةً على صورة العينة – دون الحاجة إلى بيانات تدريب مُسمّاة.

كما قام الباحثون بتسريع النظام من خلال تحسين إجراء تخطيط المسار. وجدوا أن إضافة القليل من الضوضاء، أو العشوائية، إلى الخوارزمية ساعدتها في إيجاد أقصر مسار.

يقول بوناسيسي: “مع تقدمنا في عصر المختبرات الآلية، تحتاج حقًا إلى هذه الخبرات الثلاث – بناء الأجهزة، والبرمجيات، وفهم علوم المواد – لتجتمع في نفس الفريق لتتمكن من الابتكار بسرعة. وهذا جزء من السر هنا”.

بعد أن قاموا ببناء النظام من الصفر، اختبر الباحثون كل مكون. أظهرت نتائجهم أن نموذج الشبكة العصبية وجد نقاط تلامس أفضل مع وقت حساب أقل من سبع طرق أخرى قائمة على الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، وجدت خوارزمية تخطيط المسار باستمرار خطط مسار أقصر من الأساليب الأخرى.

عندما جمعوا جميع الأجزاء معًا لإجراء تجربة آلية بالكامل لمدة 24 ساعة، أجرى النظام الروبوتي أكثر من 3000 قياس توصيل ضوئي فريد بمعدل يتجاوز 125 قياسًا في الساعة. بالإضافة إلى ذلك، مكن مستوى التفاصيل الذي توفره هذه الطريقة الدقيقة للقياس الباحثين من تحديد النقاط الساخنة ذات التوصيل الضوئي الأعلى بالإضافة إلى مناطق تدهور المواد.

يقول سيمن: “إن القدرة على جمع بيانات غنية يمكن التقاطها بهذه المعدلات السريعة، دون الحاجة إلى إرشادات بشرية، تبدأ في فتح الأبواب للتمكن من اكتشاف وتطوير أشباه موصلات عالية الأداء جديدة، خاصةً لتطبيقات الاستدامة مثل الألواح الشمسية”.

يريد الباحثون مواصلة العمل على هذا النظام الروبوتي مع سعيهم لإنشاء مختبر آلي بالكامل لاكتشاف المواد.

التمويل

تم دعم هذا العمل جزئيًا من قبل First Solar، وEni من خلال مبادرة MIT للطاقة، وMathWorks، وUniversity of Toronto’s Acceleration Consortium، ووزارة الطاقة الأمريكية، والمؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم.

المصدر: MIT News