آلة داروين غودل: ثورة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي

تُعاني أنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية من قيودٍ جوهرية تتمثل في بنيتها الثابتة، حيث تعمل ضمن أطرٍ مُصممة مسبقًا بواسطة البشر، مما يُحدّ من قدرتها على التحسين الذاتي بعد نشرها. على عكس ذلك، يتّسم التقدم العلمي البشري بطابعه التكراري والتراكمي، حيث يبني كل إنجاز على الإنجازات السابقة. مستوحاةً من هذا النموذج من التحسين المستمر، تستكشف أبحاث الذكاء الاصطناعي تقنيات تطورية وانعكاسية ذاتية تسمح للآلات بتحسين أدائها من خلال تعديل الشيفرة البرمجية وردود الفعل على الأداء.

آلة داروين غودل: إطار عملي للذكاء الاصطناعي المُحسّن ذاتيًا

قدّم باحثون من شركة ساكانا للذكاء الاصطناعي وجامعة كولومبيا البريطانية ومعهد فيكتور آلة داروين غودل (DGM)، وهي نظام ذكاء اصطناعي مُعدّل ذاتيًا مُصمم للتطور بشكل مستقل. على عكس النظريات النظرية مثل آلة غودل، التي تعتمد على التعديلات القابلة للإثبات، تعتمد آلة داروين غودل على التعلم التجريبي. يتطور النظام من خلال تعديل الشيفرة البرمجية الخاصة به باستمرار، مُسترشدًا بمعايير الأداء من معايير ترميز العالم الحقيقي مثل SWE-bench و Polyglot.

نماذج الأساس والذكاء الاصطناعي التطوري

لدفع هذه الحلقة من التحسين الذاتي، تستخدم آلة داروين غودل نماذج أساس مُجمدة تُسهّل تنفيذ الشيفرة البرمجية وتوليدها. يبدأ النظام بوحدة ترميز أساسية قادرة على التعديل الذاتي، ثم يُعدّلها بشكل تكراري لإنتاج وحدات مُختلفة. يتم تقييم هذه الوحدات والاحتفاظ بها في أرشيف إذا أظهرت نجاحًا في عملية التجميع والتحسين الذاتي. تُحاكي هذه العملية البحثية المفتوحة التطور البيولوجي، حيث تحافظ على التنوع وتُمكّن التصاميم التي كانت دون المستوى من أن تصبح أساسًا لاختراقاتٍ مستقبلية.

نتائج الاختبار: التحقق من التقدم على SWE-bench و Polyglot

تم اختبار آلة داروين غودل على معيارين معروفين لترميز الشيفرة البرمجية:

  • SWE-bench: تحسّن الأداء من 20.0% إلى 50.0%.
  • Polyglot: ازدادت الدقة من 14.2% إلى 30.7%.

تُبرز هذه النتائج قدرة آلة داروين غودل على تطوير بنيتها واستراتيجياتها الاستدلالية دون تدخل بشري. كما قارنت الدراسة آلة داروين غودل مع متغيرات مبسطة تفتقر إلى قدرات التعديل الذاتي أو الاستكشاف، مما يُؤكد أن كلا العنصرين ضروريان لتحسين الأداء المستدام. ومن الجدير بالذكر أن آلة داروين غودل قد تفوقت حتى على الأنظمة المُضبوطة يدويًا مثل Aider في العديد من السيناريوهات.

الأهمية التقنية والقيود

تمثل آلة داروين غودل إعادة تفسيرًا عمليًا لآلة غودل من خلال التحول من البرهان المنطقي إلى التكرار القائم على الأدلة. تعامل مع تحسين الذكاء الاصطناعي كمشكلة بحث، وتستكشف بنى الوحدات من خلال التجربة والخطأ. على الرغم من أنها لا تزال كثيفة الحسابات ولا تُضاهي الأنظمة المغلقة المُضبوطة من قبل الخبراء، إلا أن الإطار يوفر مسارًا قابلًا للتطوير نحو تطور مفتوح للذكاء الاصطناعي في هندسة البرمجيات وما هو أبعد من ذلك.

الخاتمة: نحو أنظمة ذكاء اصطناعي عامة تتطور ذاتيًا

تُظهر آلة داروين غودل أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تستطيع تحسين نفسها ذاتيًا من خلال دورة من تعديل الشيفرة البرمجية والتقييم والاختيار. من خلال دمج نماذج الأساس ومعايير العالم الحقيقي ومبادئ البحث التطوري، تُظهر آلة داروين غودل مكاسب أداء مهمة وتضع الأساس لأنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قابلية للتكيف. في حين أن التطبيقات الحالية محدودة في توليد الشيفرة البرمجية، إلا أن الإصدارات المستقبلية قد تتوسع لتشمل مجالات أوسع، مما يقربنا من أنظمة ذكاء اصطناعي عامة مُحسّنة ذاتيًا ومتوافقة مع الأهداف البشرية.

المصدر: MarkTechPost