قيادة السيارات الصديقة للبيئة: تقليل كبير لانبعاثات المركبات
مقدمة
يعاني العديد من سائقي السيارات من الانتظار الطويل عند تقاطعات الإشارات الضوئية، وهو ما يمثل إزعاجًا ليس فقط للسائقين، بل يساهم أيضًا في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. تُظهر دراسة نمذجة واسعة النطاق أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن تطبيق تدابير القيادة الصديقة للبيئة، والتي تتضمن تعديل سرعات المركبات ديناميكيًا لتقليل التوقفات والتسارع المفرط، يمكن أن يُقلل بشكل كبير من هذه الانبعاثات.
منهجية الدراسة
استخدم الباحثون تقنية متقدمة من الذكاء الاصطناعي تُعرف باسم “التعلم المعزز العميق” (Deep Reinforcement Learning) لإجراء تقييم شامل لأثر العوامل المؤثرة على انبعاثات المركبات في ثلاث مدن رئيسية في الولايات المتحدة. شملت الدراسة تحليل أكثر من 6000 تقاطع إشارة ضوئية في كل من أتلانتا، سان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، محاكيةً أكثر من مليون سيناريو مروري. وقد تم تحديد 33 عاملًا مؤثرًا على انبعاثات المركبات، بما في ذلك:
- درجة الحرارة.
- انحدار الطريق.
- تصميم التقاطع.
- عمر المركبة.
- حجم حركة المرور.
- أنواع المركبات.
- سلوك السائق.
- توقيت إشارات المرور.
- هندسة الطريق.
النتائج
أشار التحليل إلى أن اعتماد تدابير القيادة الصديقة للبيئة بشكل كامل يمكن أن يقلل من انبعاثات الكربون السنوية على مستوى المدينة عند التقاطعات بنسبة تتراوح بين 11% و 22%، دون إبطاء تدفق حركة المرور أو التأثير على سلامة المركبات وحركة المرور. وحتى في حالة اعتماد 10% فقط من المركبات على هذه التدابير، فإن ذلك سيؤدي إلى تحقيق ما بين 25% و 50% من إجمالي تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
كما أظهرت الدراسة أن التحسين الديناميكي لحدود السرعة في حوالي 20% من التقاطعات يوفر 70% من إجمالي الفوائد المتعلقة بالانبعاثات. هذا يشير إلى إمكانية تطبيق تدابير القيادة الصديقة للبيئة تدريجيًا مع تحقيق آثار إيجابية قابلة للقياس في التخفيف من تغير المناخ وتحسين الصحة العامة.
التحديات والابتكارات
واجه الباحثون تحديًا رئيسيًا في تدريب سلوكيات المركبات بحيث تُعمم على سيناريوهات حركة المرور المختلفة في التقاطعات. لذا، قاموا بتدريب نماذج تعلّم معزز منفصلة لمجموعات مختلفة من سيناريوهات حركة المرور، مما أدى إلى تحقيق فوائد أفضل فيما يتعلق بالانبعاثات.
كما تم تبسيط المشكلة من خلال حل كل سيناريو قيادة صديق للبيئة على مستوى التقاطع الفردي، مع مراعاة تأثير التحكم في القيادة الصديقة للبيئة في كل تقاطع على التقاطعات المجاورة.
الآثار المترتبة
أكدت النتائج أن اعتماد القيادة الصديقة للبيئة الكامل يمكن أن يؤدي إلى انخفاض انبعاثات التقاطعات بنسبة تتراوح بين 11% و 22%، مع اختلاف هذه الفوائد حسب تخطيط شوارع المدينة. وحتى مع اعتماد 10% فقط من المركبات لهذه التقنية، يمكن للمدن تحقيق ما بين 25% إلى 50% من إجمالي الفوائد في تقليل الانبعاثات.
الاستنتاجات
تُشير هذه الدراسة إلى أن تدابير القيادة الصديقة للبيئة تُمثل تدخلاً فعالاً ويسهل تنفيذه لتقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء. يُمكن دمج هذه التدابير مع حلول أخرى للحد من انبعاثات وسائل النقل، مثل استخدام المركبات الهجينة والكهربائية، لتحقيق نتائج أفضل. و مع ذلك، تُشدد الدراسة على ضرورة إجراء المزيد من البحوث لفهم الآثار المحتملة على السلامة المرورية. فهذه الدراسة تمثل خطوة أولى نحو تحديد الفوائد البيئية على نطاق واسع للقيادة الصديقة للبيئة.








اترك تعليقاً