إعادة صياغة التواصل في الرعاية الصحية: دور الذكاء الاصطناعي التوليدي
مقدمة
يشهد العالم تحولاً جذرياً في طرق الكتابة والقراءة والتحدث والتفكير والتواصل العاطفي والفعل بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، متجاوزاً بذلك الحواجز اللغوية والثقافية. في مجال الرعاية الصحية، تُعدّ فجوات التواصل بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية عاملاً مُساهماً في تفاقم نتائج المرضى ومنع التحسينات في الممارسات والرعاية. يُقدم “حاضنة اللغة/الذكاء الاصطناعي”، بدعم من “مبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للبصيرة الإنسانية” (MITHIC)، حلولاً محتملة لهذه التحديات.
أهداف الحاضنة
يهدف هذا المشروع إلى بناء مجتمع بحثي متجذر في العلوم الإنسانية، ويعزز التعاون متعدد التخصصات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتعزيز فهم أثر الذكاء الاصطناعي التوليدي على التواصل عبر اللغات والثقافات. يركز المشروع على الرعاية الصحية والتواصل، سعياً لبناء جسور بين الطبقات الاجتماعية والثقافية واللغوية.
القيادة والتعاون
تُشارك في قيادة الحاضنة كل من:
- الدكتور ليو سيلي: طبيب، مدير أبحاث، وعالم أبحاث أول في معهد الهندسة الطبية والعلوم (IMES).
- البروفيسور بير أولرب: أستاذ في اللغة الألمانية ودراسات اللغات الثانية، ومدير برنامج اللغات العالمية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
التحديات والفرص
يُلاحظ الدكتور سيلي أن “أساس تقديم الرعاية الصحية هو معرفة الصحة والمرض”، ويضيف أن “سوء النتائج يحدث رغم الاستثمارات الضخمة، لأن نظام المعرفة لدينا معطوب”. يتفق الباحثون على أن اللغة وسيط غير محايد في تقديم الرعاية الصحية، ويمكن أن تكون نعمة أو لعنة للعلاج الفعال. فمثلاً، تُعدّ الاستعارات المستخدمة لوصف الألم، وتباينها اللغوي والثقافي، عائقاً أمام التواصل الفعال بين الأطباء والمرضى.
يُشارك في هذا البرنامج أيضاً الدكتور رودريغو جاميرو، طبيب وباحث في مختبر الفيزيولوجيا الحسابية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي يُشدد على أهمية تطوير وتنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي المسؤولة، مع مراعاة التحديات المتعلقة بالتواصل عبر الانقسامات اللغوية والثقافية في الرعاية الصحية.
دور نماذج اللغات الكبيرة (LLMs)
تتمتع نماذج اللغات الكبيرة بإمكانية المساعدة في تحسين الرعاية الصحية، لكن تواجه بعض التحديات المنهجية والتربوية. يُشير الدكتور سيلي إلى ضرورة أن يكون للعلوم “قلب”، وأن قياس فعالية الطلاب من خلال عدد الأوراق البحثية أو براءات الاختراع التي ينشرونها لا يُجيب على السؤال الأساسي. يُشدد الباحثون على أهمية التواضع المعرفي، وأن المعرفة مؤقتة وغير كاملة، وأن المعتقدات الراسخة قد تتطلب مراجعة في ضوء أدلة جديدة.
اللغة والثقافة والسلطة
يُعتبر الدكتور جاميرو أن اللغة أكثر من مجرد أداة للتواصل، فهي تعكس الثقافة والهوية وديناميكيات القوة. ففي الحالات التي قد لا يشعر فيها المريض بالراحة لوصف الألم أو الانزعاج بسبب مكانة الطبيب كمُحكم، أو بسبب ثقافته، قد تكون سوء الفهم خطيراً. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في التنقل بعناية في هذه المجالات، من خلال توفير أطر رقمية توفر سياقات ثقافية ولغوية قيّمة.
إعادة النظر في التعليم والممارسات
يُشدد الفريق على ضرورة إعادة النظر في كيفية تعليم المهنيين الطبيين، ودعوة المجتمعات التي يخدمونها للمشاركة في الحوار. يجب ربط احتياجات المجتمع وتحسين الفرص والعمليات التعليمية بالنهج متعددة التخصصات لاكتساب المعرفة ونقلها. يُطرح سؤال مهم: “أي لغة نمثل؟” عند بناء نماذج اللغات الكبيرة، مع الأخذ في الاعتبار أن المعنى والنية قد يتغيران عبر السياقات.
التحديات والفرص المستقبلية
تتضمن التحديات الكبيرة: إنشاء وتوسيع الوسائل التكنولوجية لتحسين التواصل بين المريض ومقدم الرعاية الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتوسيع فرص التعاون لتشمل المجتمعات المهمشة، وإعادة النظر في الرعاية الصحية وتطويرها. يُؤمن الباحثون بإمكانية الذكاء الاصطناعي في إعادة كتابة قواعد الطب، والوصول إلى المزيد من الناس. يُشددون على أهمية بناء مساحات للابتكار والتعاون، بعيداً عن المعايير التعسفية التي تضعها المؤسسات لقياس النجاح.








اترك تعليقاً