نموذج بحث بايدو الجديد: إطار متعدد الوكلاء لبحث معلوماتي أذكى

يُعَدّ تطوّر محركات البحث المعرفية والتكيّفية ضرورة ملحّة في ظلّ التزايد الهائل في حجم وتعقيد استفسارات المستخدمين، خاصةً تلك التي تتطلّب استنتاجات متعددة الطبقات. لم تعد أنظمة البحث التقليدية، التي تعتمد على مطابقة الكلمات المفتاحية أو ترتيب الوثائق، قادرة على تلبية احتياجات المستخدمين المتزايدة. بل باتت هناك حاجة لأنظمة تحاكي السلوك المعرفي للإنسان في جمع ومعالجة المعلومات. وهذا التحول نحو نهج متطور وتعاوني يُمثّل نقلة نوعية في تصميم الأنظمة الذكية.

قصور أنظمة البحث التقليدية وأنظمة توليد الإجابات المعززة بالاسترجاع (RAG)

على الرغم من التطورات المُحرزة، لا تزال الأساليب الحالية تعاني من قيود جوهرية. فأنظمة توليد الإجابات المعززة بالاسترجاع (RAG)، على الرغم من فائدتها في الإجابة على الأسئلة المباشرة، غالباً ما تعمل ضمن قنوات ثابتة، وتواجه صعوبة في معالجة المهام التي تتضمن مصادر معلومات متضاربة، أو غموض سياقي، أو استنتاجات متعددة الخطوات. فعلى سبيل المثال، استفسار يقارن أعمار شخصيات تاريخية يتطلب فهمًا وحسابًا ومقارنةً للمعلومات من وثائق منفصلة – مهام تتطلب أكثر من مجرد استرجاع المعلومات وتوليدها. إن غياب آليات التخطيط التكيّفي وآليات الاستدلال القوية غالباً ما يؤدي إلى إجابات سطحية أو غير كاملة في مثل هذه الحالات.

ظهور الهندسة المعمارية متعددة الوكلاء في أنظمة البحث

تم تقديم العديد من الأدوات لتعزيز أداء البحث، بما في ذلك أنظمة “التعلم لترتيب النتائج” وآليات استرجاع متقدمة تستخدم نماذج اللغات الكبيرة (LLMs). تُدمج هذه الأطر ميزات مثل بيانات سلوك المستخدم، والفهم الدلالي، والنماذج الاستدلالية. ومع ذلك، حتى أساليب RAG المتقدمة، بما في ذلك ReAct و RQ-RAG، تتبع منطقًا ثابتًا في المقام الأول، مما يحدّ من قدرتها على إعادة تهيئة الخطط بفعالية أو التعافي من أخطاء التنفيذ. كما أن اعتمادها على استرجاع الوثائق لمرة واحدة والتنفيذ بواسطة وكيل واحد يقيّد قدرتها على معالجة المهام المعقدة والتابعة للسياق.

نموذج البحث بالذكاء الاصطناعي من باحثي بايدو

قدّم باحثون من شركة بايدو نهجًا جديدًا يُسمّى “نموذج البحث بالذكاء الاصطناعي”، مصممًا للتغلب على قيود النماذج الثابتة ذات الوكيل الواحد. يتألف هذا النموذج من إطار عمل متعدد الوكلاء، يتضمن أربعة وكلاء رئيسيين:

  • الوكيل الرئيسي (Master): يُنسّق سير العمل بالكامل بناءً على تعقيد الاستعلام.
  • مخطّط المهمات (Planner): يُحدّد المهام المعقدة إلى استعلامات فرعية.
  • منفّذ المهمات (Executor): يُدير استخدام الأدوات وإتمام المهام.
  • كاتب النتائج (Writer): يُولّد استجابة متماسكة من النتائج.

تتيح هذه الهندسة المعمارية المعيارية مرونة ودقة في تنفيذ المهام تفتقر إليها الأنظمة التقليدية.

استخدام الرسوم البيانية غير الدورية الموجهة (DAG) لتخطيط المهام

يُدخِل الإطار عمل رسومًا بيانية غير دورية موجهة (DAG) لتنظيم الاستعلامات المعقدة إلى مهام فرعية مترابطة. يختار مخطّط المهمات الأدوات ذات الصلة من خوادم MCP لمعالجة كل مهمة فرعية. ثم يقوم منفّذ المهمات باستدعاء هذه الأدوات بشكل متكرر، مع ضبط الاستعلامات واستراتيجيات الاحتياط في حالة فشل الأدوات أو عدم كفاية البيانات. يضمن هذا التعيين الديناميكي الاستمرارية والاكتمال. يقوم كاتب النتائج بتقييم النتائج، وفلترة التناقضات، وتجميع استجابة منظمة. فعلى سبيل المثال، في استعلام يسأل عن من هو أكبر سناً من الإمبراطور وو من هان وجوليوس قيصر، يسترجع النظام تواريخ الميلاد من أدوات مختلفة، ويقوم بحساب العمر، ويقدّم النتيجة – كل ذلك في عملية منسقة متعددة الوكلاء.

التقييم النوعي وتكوينات سير العمل

تم تقييم أداء هذا النظام الجديد باستخدام العديد من دراسات الحالة وسير العمل المقارنة. على عكس أنظمة RAG التقليدية التي تعمل في وضع استرجاع لمرة واحدة، يُعيد نموذج البحث بالذكاء الاصطناعي التخطيط ديناميكيًا ويعكس كل مهمة فرعية. يدعم النظام ثلاثة تكوينات فريق بناءً على التعقيد:

  • كاتب النتائج فقط (Writer-Only):
  • بما في ذلك منفّذ المهمات (Executor-Inclusive):
  • معزز بمخطّط المهمات (Planner-Enhanced):

بالنسبة لاستعلام مقارنة عمر الإمبراطور، قام مخطّط المهمات بتفكيك المهمة إلى ثلاث خطوات فرعية وعيّن الأدوات وفقًا لذلك. ذكرت النتيجة النهائية أن الإمبراطور وو من هان عاش لمدة 69 عامًا وجوليوس قيصر لمدة 56 عامًا، مما يشير إلى فرق 13 عامًا – وهي نتيجة مُولّدة بدقة عبر العديد من المهام الفرعية. بينما ركّز البحث أكثر على الرؤى النوعية من المقاييس الكمية للأداء، إلا أنه أظهر تحسينات كبيرة في رضا المستخدم وقوة النظام عبر المهام.

خاتمة: نحو ذكاء بحث قابل للتطوير ومتعدد الوكلاء

في الختام، يقدم هذا البحث إطار عمل نمطي قائم على الوكلاء يُمكّن أنظمة البحث من تجاوز استرجاع الوثائق ومحاكاة التفكير على الطريقة البشرية. يُمثّل نموذج البحث بالذكاء الاصطناعي تقدمًا كبيرًا من خلال دمج التخطيط في الوقت الفعلي، والتنفيذ الديناميكي، والتركيب المتماسك. لا يحلّ هذا النموذج القيود الحالية فحسب، بل يوفر أيضًا أساسًا لحلول بحث قابلة للتطوير جديرة بالثقة، مدفوعة بالتعاون المُنظّم بين الوكلاء الذكية.

المصدر: MarkTechPost