نوفل سيك: إطار متعدد الوكلاء لإجراء أبحاث علمية مستقلة
يعتمد البحث العلمي في مجالات مثل الكيمياء والأحياء والذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة على خبراء بشر لتطوير المعرفة، وتوليد الأفكار، وتصميم التجارب، وصقل النتائج. ومع ذلك، ومع تزايد تعقيد المشكلات وكثافة البيانات، يتباطأ الاكتشاف. بينما يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي، مثل نماذج اللغات والروبوتات، التعامل مع مهام محددة، مثل عمليات البحث في الأدبيات أو تحليل التعليمات البرمجية، إلا أنها نادراً ما تشمل دورة البحث بأكملها. يبقى سد الفجوة بين توليد الأفكار والتحقق التجريبي تحديًا رئيسيًا.
التحديات التقليدية في البحث العلمي
لكي يتقدم الذكاء الاصطناعي في العلم بشكل مستقل، يجب أن يقترح فرضيات، ويصمم وينفذ التجارب، ويحلل النتائج، ويُحسّن الأساليب في حلقة تكرارية. بدون هذه التكاملية، يُعرّض الذكاء الاصطناعي نفسه لخطر إنتاج أفكار غير مترابطة تعتمد على الإشراف البشري للتحقق منها. قبل ظهور نظام موحد، كان الباحثون يعتمدون على أدوات منفصلة لكل مرحلة من مراحل العملية. قد تساعد نماذج اللغات الكبيرة في العثور على الأوراق العلمية ذات الصلة، لكنها لم تُغذّي مباشرة تصميم التجارب أو تحليل النتائج. يمكن للروبوتات المساعدة في أتمتة التجارب المادية، ويمكن لمكتبات البرمجة مثل PyTorch المساعدة في بناء النماذج؛ ومع ذلك، تعمل هذه الأدوات بشكل مستقل عن بعضها البعض. لم يكن هناك نظام واحد قادر على إدارة العملية بأكملها، من تشكيل الأفكار إلى التحقق منها من خلال التجارب. وقد أدى ذلك إلى حدوث اختناقات، حيث كان على الباحثين ربط النقاط يدويًا، مما يُبطئ التقدم ويترك مجالًا للأخطاء أو الفرص الضائعة. أصبحت الحاجة إلى نظام متكامل قادر على إدارة دورة البحث بأكملها واضحة.
نوفل سيك: نظام متكامل للبحث العلمي المستقل
طور باحثون من فريق نوفل سيك في مختبر شنغهاي للذكاء الاصطناعي نظام نوفل سيك، وهو نظام ذكاء اصطناعي مصمم لتشغيل عملية الاكتشاف العلمي بأكملها بشكل مستقل. يتألف نوفل سيك من أربعة وحدات رئيسية تعمل بالترادف:
- وحدة توليد الأفكار وصقلها: تقوم بتوليد أفكار بحثية جديدة وتنقيتها.
- حلقة التغذية الراجعة: تسمح للخبراء البشر بالتفاعل مع الأفكار وتنقيتها.
- ترجمة الأفكار إلى أكواد وخطط تجارب: تُترجم الأفكار إلى تعليمات برمجية قابلة للتنفيذ وخطط تجارب مُفصّلة.
- إجراء جولات متعددة من التجارب: تُنفّذ التجارب وتحليل نتائجها.
ما يميز نوفل سيك هو تنوعه؛ فهو يعمل عبر 12 مهمة بحثية علمية، بما في ذلك:
- التنبؤ بِعوائد التفاعلات الكيميائية.
- فهم الديناميات الجزيئية.
- التنبؤ بالبيانات المتسلسلة الزمنية.
- التعامل مع وظائف مثل التجزئة الدلالية ثنائية الأبعاد وتصنيف الكائنات ثلاثية الأبعاد.
صمم الفريق نوفل سيك لتقليل التدخل البشري، وتسريع الاكتشافات، وتقديم نتائج عالية الجودة ومتسقة.
وكلاء نوفل سيك المتخصصة
يتضمن النظام وراء نوفل سيك العديد من الوكلاء المتخصصين، كل منهم يركز على جزء محدد من سير عمل البحث:
- وكيل البحث (Survey Agent): يفهم المشكلة من خلال البحث في الأوراق العلمية وتحديد المعلومات ذات الصلة بناءً على الكلمات الرئيسية وتعريفات المهام.
- وكيل مراجعة التعليمات البرمجية (Code Review Agent): يفحص قواعد البيانات البرمجية الحالية، سواء التي قام المستخدم بتحميلها أو التي تم الحصول عليها من مستودعات عامة مثل GitHub، لفهم كيفية عمل الأساليب الحالية وتحديد مجالات التحسين.
- وكيل ابتكار الأفكار (Idea Innovation Agent): يولد أفكار بحثية إبداعية، ويدفع النظام لاستكشاف نهج مختلفة وتنقيتها بمقارنتها بالدراسات ذات الصلة والنتائج السابقة.
- وكيل التخطيط والتنفيذ (Planning and Execution Agent): يحول الأفكار إلى تجارب مفصلة، ويتعامل مع الأخطاء أثناء عملية الاختبار، ويضمن التنفيذ السلس لخطط البحث متعددة الخطوات.
نتائج مذهلة
حقق نوفل سيك نتائج رائعة عبر مهام متنوعة:
- التنبؤ بعوائد التفاعلات الكيميائية: تحسّن الأداء من 24.2% (بتباين ±4.2) إلى 34.8% (بتباين أصغر بكثير ±1.1) في 12 ساعة فقط، وهو تقدم يحتاج الباحثون البشر عادةً إلى شهور لتحقيقه.
- التنبؤ بنشاط المُعزّز (Enhancer Activity): زاد معامل ارتباط بيرسون من 0.65 إلى 0.79 في غضون 4 ساعات.
- التجزئة الدلالية ثنائية الأبعاد: تحسّنت الدقة من 78.8% إلى 81.0% في 30 ساعة فقط.
أظهر نوفل سيك أيضًا قدرته على إدارة قواعد بيانات برمجية كبيرة ومعقدة تتضمن ملفات متعددة، مما يدل على قدرته على التعامل مع مهام البحث على مستوى المشروع، وليس فقط في اختبارات صغيرة ومعزولة.
النقاط الرئيسية
- يدعم نوفل سيك 12 مهمة بحثية، بما في ذلك التنبؤ بالتفاعلات الكيميائية، والديناميات الجزيئية، وتصنيف الكائنات ثلاثية الأبعاد.
- تحسّن دقة التنبؤ بعوائد التفاعلات من 24.2% إلى 34.8% في 12 ساعة.
- زاد أداء التنبؤ بنشاط المُعزّز من 0.65 إلى 0.79 في 4 ساعات.
- تحسّنت دقة التجزئة الدلالية ثنائية الأبعاد من 78.8% إلى 81.0% في 30 ساعة.
- يتضمن نوفل سيك وكلاء للبحث في الأدبيات، وتحليل التعليمات البرمجية، وتوليد الأفكار، وتنفيذ التجارب.
- النظام مفتوح المصدر، مما يُمكّن من إمكانية التكرار والتعاون عبر المجالات العلمية.
الخلاصة
يُظهر نوفل سيك كيف يمكن أن يؤدي دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في نظام واحد إلى تسريع الاكتشاف العلمي وتقليل اعتماده على الجهد البشري. يُربط الخطوات الرئيسية، من توليد الأفكار إلى تحويلها إلى أساليب واختبارها من خلال التجارب، في عملية مُبسّطة واحدة. ما كان يستغرق الباحثين شهورًا أو سنوات يمكن الآن القيام به في أيام أو حتى ساعات. من خلال ربط كل مرحلة من مراحل البحث في حلقة متصلة، يساعد نوفل سيك الفرق على الانتقال من الأفكار الأولية إلى النتائج الواقعية بشكل أسرع. يُبرز هذا النظام قوة الذكاء الاصطناعي ليس فقط في المساعدة، بل في قيادة البحث العلمي بطريقة قد تُغيّر كيفية إجراء الاكتشافات في العديد من المجالات.
اترك تعليقاً