عقد من التعاون الأكاديمي-الصناعي لتعزيز تقنيات المركبات: إنجازات وتحديات

الاحتفال بعقد من الإنجازات

في السادس من مايو، احتفل اتحاد تقنيات المركبات المتقدمة (AVT) التابع لمعمل أبحاث الشيخوخة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT AgeLab)، والذي يُعد جزءًا من مركز MIT للنقل واللوجستيات، بمرور عشر سنوات على تأسيسه كمنصة عالمية للتعاون الأكاديمي-الصناعي. وقد تأسس الاتحاد بهدف تطوير بيانات جديدة تساهم في فهم الشركات المصنعة للمركبات، والموردين، وشركات التأمين لكيفية استخدام السائقين واستجابتهم لتقنيات المركبات المتطورة، مثل أنظمة القيادة المساعدة والقيادة الذاتية، مع تسريع تطبيق هذه الرؤى لتحسين التصميم والتطوير. وقد جمع الحدث المُقام بهذه المناسبة أصحاب المصلحة من مختلف القطاعات في سلسلة من الكلمات الرئيسية وحلقات النقاش حول مواضيع حاسمة تُحدد مستقبل الصناعة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، وتقنيات السيارات، وإصلاح التصادمات، وسلوك المستهلك، والاستدامة، وسياسات سلامة المركبات، والتنافسية العالمية.

التحديات والفرص: منظور شامل

افتتح برايان رايمر، مؤسس والمدير المشارك لاتحاد AVT، الحدث بالإشارة إلى أن الاتحاد قد جمع على مدار العقد الماضى مئات الترابايت من البيانات، وعرض وبحث أبحاثه مع أكثر من 25 منظمة عضو، ودعم المبادرات الاستراتيجية والسياساتية لأعضائه، ونشر نتائج مختارة، وحوّل AVT إلى جهة مؤثرة عالميًا ذات تأثير هائل في صناعة السيارات. ولاحظ رايمر أن التحديات والفرص الحالية التي تواجه الصناعة تتضمن: التشتيت أثناء القيادة، وعدم ثقة المستهلك، ومخاوف تتعلق بالشفافية في ميزات القيادة المساعدة والقيادة الذاتية، والتوقعات العالية للمستهلكين فيما يتعلق بتقنية المركبات، وسلامتها، وقدرتها على تحمل التكاليف. وقد ناقش كبار المشاركين في الحدث سبل استجابة الصناعة لهذه التحديات.

سلامة المركبات: نهج استراتيجي قائم على البيانات

في نقاش قوي حول تنظيم سلامة المركبات، تحدى جون بوزيلا، الرئيس والمدير التنفيذي لتحالف ابتكار السيارات، ومارك روزكيند، الرئيس السابق للابتكار في مجال السلامة في شركة Zoox، والمدير السابق للإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة، وعضو سابق في مجلس السلامة الوطنية للنقل، الصناعة والحكومة لاعتماد نهج أكثر استراتيجية، وقائم على البيانات، وتعاونيًا تجاه السلامة. وأكدا على ضرورة تطور اللوائح جنبًا إلى جنب مع الابتكار، وعدم تخلفها عنه لعقود من الزمن. وقد دعا بوزيلا شركات صناعة السيارات الحاضرة إلى الاستفادة من نجاح الالتزامات الطوعية بشأن نظام الفرامل الطارئة الأوتوماتيكية كنموذج للتقدم في المستقبل، قائلاً: “هذه طريقة للقيام بشيء مهم وفعال قبل صدور اللوائح”. ودعوا إلى إنشاء منصات بيانات مشتركة، والإبلاغ المجهول، ورؤية تنظيمية مشتركة تحدد معايير السلامة الأساسية مع السماح بمساحة للتجريب. إنّ عدد الوفيات السنوية البالغ 40,000 حالة على الطرق يتطلب سرعة في العمل، حيث إنّ ما هو مطلوب هو التحول من الحلول التكتيكية إلى استراتيجية سلامة شاملة. وقد صرّح روزكيند: “تأجيل السلامة يعني إنكارها. أخبروني كيف ستحسّنون السلامة. دعونا نكون واضحين”.

الاستلهام من الطيران: ثقافة السلامة

أشارت كاثي أبوت، المستشارة العلمية والتقنية الرئيسية في إدارة الطيران الفيدرالية، إلى ثقافة التنظيم الصارم، والتحسين المستمر، ومشاركة البيانات عبر القطاعات في مجال الطيران، مستلهمة من سجل السلامة المتميز في هذا المجال. ويُبرز هذا النموذج، القائم على الكوادر المدربة تدريبًا عاليًا ومعايير التنبؤ الصارمة، التباين الشديد مع النهج المجزأ في صناعة السيارات. وقد شددت الكلمة الرئيسية على ضرورة أن توجه ثقافة السلامة – التي تُدرك أن القدرة التكنولوجية وحدها لا تُبرر النشر – صناعة السيارات نحو الأمام. فكما لا يُعادل غياب الفشل النجاح في مجال الطيران، يجب قياس سلامة المركبات بشكل شامل واستباقي.

القيادة المساعدة والقيادة الذاتية: التحديات والفرص

قدم بيت بيجلو من مجلة Automotive News تشخيصًا عمليًا للوضع الحالي للقيادة المساعدة والقيادة الذاتية. مع تراجع شركات مثل فورد وفولكس واجن عن مشاريع القيادة الذاتية الكاملة مثل Argo AI، تركز الصناعة الآن على تقنيات المستوى 2 و 3 (القيادة المساعدة والقيادة الذاتية على التوالي). تجري تسلا وجنرال موتورز ومرسيدس تجارب على نماذج الاشتراك لأنظمة مساعدة السائق، إلا أن الارتباك لا يزال قائمًا لدى المستهلكين. وتشير تقارير JD Power إلى أن العديد من السائقين لا يفهمون الفروق بين المستوى 2 و 2+، أو ما إذا كانت هذه التقنيات توفر ميزات أمان أو راحة. ولم تظهر بعد فوائد السلامة في انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن حوادث المرور، والتي ارتفعت بنسبة 20% منذ عام 2020. التحدي المتكرر: تتطلب أنظمة المستوى 3 من السائقين البشريين استعادة السيطرة أثناء الصعوبات التقنية، على الرغم من أن فصل السائق هو الفائدة الرئيسية لها، مما قد يؤدي إلى تفاقم النتائج. وقد استشهد بيجلو بنقل قول لبرايان رايمر وصفه بأنه من أفضل ما سمعه في حياته المهنية: “أنظمة المستوى 3 هي حلم المهندس واليخت التالي لمحامي المدعي”، مما يبرز التعقيد القانوني والتصميمي لأنظمة تتطلب تسليمًا بين الإنسان والآلة.

الذكاء الاصطناعي في صناعة السيارات: التحديات والفرص

شدد ماوريسيو مونوز، كبير مهندسي البحوث في AI Sweden، على أنه على الرغم من الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي، لا تستطيع صناعة السيارات الاعتماد على اتجاهات الذكاء الاصطناعي العامة لحل التحديات الخاصة بالمجال. في حين أن الإنجازات البارزة مثل AlphaFold تُظهر براعة الذكاء الاصطناعي، تتطلب تطبيقات السيارات خبرة في المجال، وسيادة البيانات، والتعاون المُستهدف. تُشكل قيود الطاقة، وجدران الحماية للبيانات، والتكاليف العالية لبنية تحتية الذكاء الاصطناعي كلها قيودًا، مما يجعل من الضروري أن تمول الشركات أبحاثًا مُوجهة نحو الغرض يمكنها تقليل التكاليف وتحسين دقة التنفيذ. وحذر مونوز من أنه في حين أن الحماس كبير – مع توقعات البعض بظهور ذكاء اصطناعي خارق بحلول عام 2028 – يتطلب التقدم الحقيقي توافقًا تنظيميًا وفهمًا عميقًا لسياق السيارات، وليس فقط القوة الحسابية.

إصلاح التصادمات: التحديات الناجمة عن التقدم التكنولوجي

ناقش فريق عمل متخصص في إصلاح التصادمات، ضمّ ريتشارد بيليالد من Thatcham Research، وحامي إبراهيمي من Caliber Collision، ومايك نيلسون من Nelson Law، العواقب غير المقصودة لتطورات تقنية المركبات: ارتفاع تكاليف الإصلاح، ونقص العمالة، وعدم وجود معايير للإصلاح. وحذر أعضاء الفريق من أن حتى الإصلاحات الطفيفة للمركبات المتقدمة تتطلب الآن إعادة معايرة أجهزة الاستشعار باهظة الثمن ومعقدة – مع تفاقم ذلك بسبب التوجيهات غير المتسقة من الشركات المصنعة وعدم وجود تنبيهات واضحة للمستهلكين عندما تكون الأنظمة غير معايرة. ودعا الفريق إلى زيادة التوحيد، وتثقيف المستهلك، وتصميم سهل الإصلاح. مع ارتفاع أقساط التأمين وتخلي المزيد من الأشخاص عن مطالبات التأمين، فإنّ عدم التنسيق بين شركات صناعة السيارات، والهيئات التنظيمية، ومقدمي الخدمات يُهدد سلامة المستهلك ويقوض الثقة. وحذر الفريق من أن التحرك نحو القيادة الذاتية من المستوى 3 أمر سابق لأوانه ومحفوف بالمخاطر ما لم تعمل أنظمة المستوى 2 بشكل موثوق وبأسعار معقولة.

المستقبل: الاستدامة والسلامة

بينما شدد فريق إصلاح التصادمات على التحديات الملحة اليوم، نظر متحدثون آخرون إلى المستقبل. على سبيل المثال، سلط ريان هارتي من هوندا الضوء على الدفع القوي للشركة نحو الاستدامة والسلامة. تهدف هوندا إلى تحقيق صفر تأثير بيئي وصفر وفيات في حوادث المرور، مع خطط لتكون كهربائية بنسبة 100% بحلول عام 2040، ولتصبح رائدة في تخزين الطاقة وتكامل الطاقة النظيفة. وقد طورت الشركة أدوات لتدريب السائقين الشباب، وتستثمر في بنية تحتية للشحن، واستخدام البطاريات على دراية بالشبكة، وتخزين الهيدروجين الأخضر. وأشار هارتي إلى أهمية مواءمة استراتيجية المنتج مع طلب المستخدم والمسؤولية البيئية، قائلاً: “ما يشتريه المستهلكون في السوق يحدد ما تصنعه الشركات المصنعة”. وشدد على أن الشركات المصنعة لا تستطيع الحد من انبعاثات الكربون بالسرعة التي تسمح بها الصناعة، وأكد على ضرورة التحول من استراتيجيات المنتجات القائمة على التكلفة إلى استراتيجيات قائمة على دورة الحياة.

المستقبل القريب والمتوسط والبعيد: التكامل بين التوقعات والابتكار

ناقش فريق عمل ضمّ لورا تشيس من ITS America، وجون ديمرلي من كوالكوم، وبراد ستيرتز من مجموعة أودي/فولكس واجن، وأنانت ثاكير من أبتيف، مستقبل تقنية المركبات على المدى القريب والمتوسط والبعيد. شدد أعضاء الفريق على ضرورة تطور توقعات المستهلكين، واستثمارات البنية التحتية، وتحديث اللوائح معًا. وعلى الرغم من معدلات الوفيات القياسية بين راكبي الدراجات، واستمرار التشتيت أثناء القيادة، لا تزال ميزات مثل كشف حافلات المدارس وإنذارات إشارات التوقف غير مستخدمة بسبب الشكوك والتكلفة. وشدد أعضاء الفريق على ضرورة تصميم أنظمة للسلامة الاستباقية بدلاً من الاستجابة التفاعلية. ولا ينبع التكامل البطيء للبنية التحتية الرقمية – أجهزة الاستشعار، والحوسبة الطرفية، وتحليلات البيانات – من العقبات التقنية فحسب، بل من تحديات المشتريات والسياسات أيضًا.

الاستنتاج: إعادة بناء الثقة والشراكة العالمية

اختتم رايمر الحدث بحث قادة الصناعة على إعادة تركيز المستهلك في جميع المحادثات – من القدرة على تحمل التكاليف إلى الصيانة والإصلاح. مع ارتفاع تكاليف التملك، وتزايد الفجوات في الثقة بالتكنولوجيا، وعدم المواءمة بين الابتكار وقيمة المستهلك، يعتمد مستقبل التنقل على إعادة بناء الثقة وإعادة تشكيل اقتصاديات الصناعة. ودعا إلى التعاون العالمي، وزيادة التوحيد، والابتكار الشفاف الذي يمكن للمستهلكين فهمه وتحمل تكلفته. وأبرز أن التنافسية العالمية وسلامة الجمهور على المحك. كما لاحظ رايمر: “سيأتي النجاح من خلال الشراكات” – بين الصناعة والأوساط الأكاديمية والحكومة – التي تعمل نحو الاستثمار المشترك، والتغيير الثقافي، والاستعداد الجماعي لإعطاء الأولوية للمصلحة العامة.

المصدر: MIT News