ثورة البيانات في الأحياء والطب: رؤى جديدة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
مقدمة
تُناقش هذه المقالة، المستوحاة من مقابلة مع الأستاذة كارولين أوهلر، أستاذة الهندسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ومديرة مركز إريك وويندي شميدت في معهد براود، التطورات الحديثة في مجال تعلم الآلة وتطبيقاته الثورية في الأحياء والطب. تُسلط المقالة الضوء على التحديات الحالية والفرص الواعدة في هذا المجال، مع التركيز على أبحاث مركز شميدت الرائدة.
ثورة البيانات في الأحياء
تُعرف الأستاذة أوهلر عصرنا الحالي بثورة بيانات في مجالي الأحياء والطب، مدفوعة بتوفر مجموعات بيانات ضخمة ومتنوعة، تشمل:
- البيانات الجينومية ومتعددة الجينومات.
- صور عالية الدقة.
- السجلات الصحية الإلكترونية.
وقد ساهم التقدم في تقنيات التسلسل الجيني وتصوير الجزيئات، بالإضافة إلى تقنيات الجينوم أحادي الخلية، في توليد هذه الكميات الهائلة من البيانات، مما فتح آفاقًا جديدة لفهم “برامج الحياة” بدلاً من مجرد وصف مكوناتها. يتمثل الهدف في فهم المنطق الكامن وراء دوائر الجينات، وتواصل الخلية مع الخلية، والآليات الجزيئية التي تربط بين الجين والظاهر.
تعلم الآلة: فرصة وتحدي
شهدت السنوات الأخيرة تقدمًا مذهلاً في مجال تعلم الآلة، خاصةً مع ظهور نماذج متقدمة مثل BERT وGPT-3 وChatGPT في معالجة اللغة الطبيعية، ونماذج الرؤية المتقدمة مثل CLIP. هذه النماذج توفر بنى معمارية واستراتيجيات تدريب قابلة للتطبيق على البيانات البيولوجية، مثل استخدام محولات البيانات (Transformers) في تحليل التسلسلات الجينومية، ونماذج الرؤية في تحليل الصور الطبية والمجهرية.
ولكن، على الرغم من هذا التقدم، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تعلم الآلة في الأحياء:
- التركيز على السببية: لا يكفي في الأحياء مجرد التنبؤ، بل يتطلب فهم العلاقة السببية بين المتغيرات، وهو ما لا تستطيع النماذج التقليدية لتعلم الآلة تحقيقه بفعالية.
- التحديات الحسابية: يتطلب فهم الأنظمة الخلوية المعقدة معالجة أسئلة حول قابلية التعريف، وكفاءة العينة، ودمج الأدوات الاحتمالية والهندسية.
- نماذج الأساس الشاملة: لا تزال هناك حاجة لإنشاء نماذج أساس شاملة للبيولوجيا على مختلف المستويات، مشابهة لـ ChatGPT في مجال اللغة، قادرة على محاكاة جميع الظواهر البيولوجية.
مجالات واعدة للبحث
تُشير الأستاذة أوهلر إلى عدة مجالات واعدة للبحث، منها:
- التنبؤ بتأثير الاضطرابات الجينية: تُعدّ التكنولوجيات عالية الإنتاجية، مثل شاشات CRISPR المجمعة، والجينوميات أحادية الخلية، والتصوير المكاني، أدوات قوية لتوليد بيانات حول الاضطرابات الجينية. يُركز البحث على تطوير نماذج قادرة على التنبؤ بتأثير هذه الاضطرابات، بما في ذلك الاضطرابات المركبة.
- التشخيص الطبي: يُساهم تعلم الآلة في تحسين التشخيص الطبي عن طريق دمج مصادر بيانات متعددة، وتحديد الأنماط التي يصعب على الأطباء اكتشافها، وتقسيم المرضى حسب مخاطر الإصابة. لكن يجب الحذر من التحيزات المحتملة في نماذج التنبؤ.
- تحديد مواقع البروتينات: طُوّر في مركز شميدت نموذج PUPS، الذي يُتوقع موقع البروتينات دون الحاجة إلى بيانات تدريب خاصة بكل بروتين وخليه. يُجمع هذا النموذج بين نموذج لغة البروتين ونموذج لإعادة إنشاء الصور، مما يُمكّنه من التعميم على البروتينات غير المرئية سابقاً.
أبحاث رائدة من مركز شميدت
يُبرز البحث في مركز شميدت عدة مشاريع واعدة:
- PUPS: يتنبأ بموقع البروتينات دون الخلوي بدقة عالية، باستخدام كل من تسلسلات البروتينات والصور الخلوية.
- Image2Reg: يتنبأ بالجينات المضطربة من صور الكروماتين، باستخدام شبكات عصبية ملتفة وشبكات عصبية رسومية.
- MORPH: يتنبأ بنتائج الاضطرابات الجينية المركبة، ويحدد أنواع التفاعلات بين الجينات المضطربة، مع القدرة على توجيه تصميم التجارب.
خاتمة
يُمثل اندماج تعلم الآلة مع الأحياء والطب ثورة حقيقية، تُفتح آفاقًا جديدة لفهم الحياة وعلاج الأمراض. مع التحديات القائمة، يبقى الأمل معقودًا على التقدم في تطوير نماذج تعلم آلة متقدمة قادرة على فهم العلاقات السببية المعقدة في الأنظمة البيولوجية. وتُعدّ الأبحاث الرائدة في مركز شميدت مثالًا على الجهود المبذولة في هذا المجال.
اترك تعليقاً