تقييم الذكاء الاصطناعي: إطار القدرة والتخصيص

مقدمة

يُثير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي جدلاً واسعاً، إذ تتباين ردود أفعال الأفراد تجاهها بين الترحيب والحذر. لا ينحصر هذا التباين في فئات متعارضة من المتفائلين التكنولوجيين والرافضين له، بل يتجلى في تقييمات دقيقة تعتمد على سياق التطبيق المحدد. تُناقش هذه الدراسة، المنشورة في مجلة Psychological Bulletin، إطاراً نظرياً جديداً لفهم هذه التقييمات المتباينة.

إطار القدرة والتخصيص: فهم تفضيلات الأفراد للذكاء الاصطناعي

يُقترح في هذه الدراسة، التي قام بها البروفيسور جاكسون لو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وزملاؤه، إطار “القدرة – التخصيص” لفهم تفضيلات الأفراد إزاء استخدام الذكاء الاصطناعي. يُشير هذا الإطار إلى أن تقييم الأفراد للذكاء الاصطناعي يتأثر بعاملين رئيسيين:

  • القدرة المُدركة: مدى اعتقاد الفرد بقدرة الذكاء الاصطناعي على الأداء بشكل أفضل من البشر في مهمة محددة.
  • ضرورة التخصيص: مدى حاجة المهمة إلى مراعاة الظروف الشخصية الفريدة لكل فرد.

يُشير البحث إلى أن تفضيل الأفراد للذكاء الاصطناعي يحدث فقط عندما يتم استيفاء الشرطين معاً: قدرة مُدركة أعلى للذكاء الاصطناعي من البشر، وعدم ضرورة التخصيص في سياق القرار. أما في حال عدم استيفاء أحد هذين الشرطين، فإن ذلك يُؤدي إلى النفور من الذكاء الاصطناعي.

تحليل استعراضي شامل لتفضيلات الأفراد

أجرى الباحثون تحليلاً استعراضياً شاملاً لـ 163 دراسة سابقة قارنت بين تفضيلات الأفراد للذكاء الاصطناعي مقابل البشر، شملت أكثر من 82,000 رد فعل على 93 سياق قرار مختلف. وقد أكد التحليل صحة إطار “القدرة – التخصيص” في تفسير تفضيلات الأفراد. فقد أظهرت النتائج أن كلا البُعدين – القدرة وضرورة التخصيص – يُؤثران بشكل كبير على تفضيلات الأفراد.

أمثلة على تطبيقات إطار القدرة والتخصيص

يوضح البحث أمثلة على ذلك:

  • التفضيل للذكاء الاصطناعي: في المهام التي تتطلب سرعة ودقة عالية، مثل الكشف عن الاحتيال أو فرز مجموعات بيانات ضخمة، حيث تتفوق قدرات الذكاء الاصطناعي على قدرات البشر، ولا تُعتبر ضرورة التخصيص عاملاً أساسياً.
  • النفور من الذكاء الاصطناعي: في المهام التي تتطلب التعامل مع الجوانب الشخصية والعاطفية، مثل العلاج النفسي أو مقابلات التوظيف أو التشخيص الطبي، حيث يُفضل الأفراد التعامل مع البشر الذين يمتلكون القدرة على فهم ظروفهم الشخصية الفريدة.

عوامل إضافية تؤثر على تقييم الذكاء الاصطناعي

كشفت الدراسة أيضاً عن عوامل أخرى تؤثر على تفضيلات الأفراد للذكاء الاصطناعي، منها:

  • الملموسية: يُلاحظ تفضيل أكبر للروبوتات الملموسة مقارنة بالخوارزميات غير الملموسة.
  • السياق الاقتصادي: يُلاحظ تفضيل أكبر للذكاء الاصطناعي في الدول التي تعاني من معدلات بطالة منخفضة.

الخاتمة

يُقدم إطار “القدرة – التخصيص” فهماً أعمق لتفضيلات الأفراد إزاء استخدام الذكاء الاصطناعي، مع التأكيد على أهمية السياق في تقييم هذه التقنيات. بينما لا يُعتبر هذا الإطار شاملاً لكافة العوامل المؤثرة، إلا أنه يُمثل خطوة هامة في فهم التفاعل المعقد بين البشر والذكاء الاصطناعي. ويُواصل الباحثون دراسة المواقف المتطورة والمعقدة للأفراد تجاه الذكاء الاصطناعي.

المصدر: MIT News