تطبيق “كيم إكسبلور إم إل”: ثورة في التنبؤ بالخواص الكيميائية عبر تعلم الآلة

التحدي: التنبؤ بالخواص الكيميائية

يُعدّ التنبؤ بدقة بالخواص الكيميائية للجزيئات، مثل نقطة الغليان ونقطة الانصهار، هدفًا أساسيًا مشتركًا بين معظم الباحثين في مجال الكيمياء. فبفضل هذه التنبؤات، يمكن للباحثين المضي قدمًا في أبحاثهم، ما يُفضي إلى اكتشافات جديدة في مجالات الأدوية، والمواد، وغيرها. إلا أن الطرق التقليدية للوصول إلى هذه التنبؤات مكلفة من حيث الوقت والجهد المبذول على المعدات، بالإضافة إلى التكاليف المالية الباهظة.

حلول الذكاء الاصطناعي: تعلم الآلة

ساهم تعلم الآلة (ML)، وهو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي، في تقليل عبء التنبؤ بخواص الجزيئات إلى حد ما. لكن الأدوات المتقدمة التي تُسرّع هذه العملية بشكل فعال – من خلال تعلم البيانات الموجودة للتنبؤ السريع بخواص جزيئات جديدة – تتطلب من المستخدم مستوىً عالٍ من الخبرة في البرمجة. وهذا يُشكل حاجزًا أمام العديد من الكيميائيين الذين قد لا يمتلكون الكفاءة الحسابية اللازمة للتعامل مع عملية التنبؤ.

كيم إكسبلور إم إل: حلٌّ سهل الاستخدام

للتغلب على هذا التحدي، قام باحثون في مجموعة ماكجواير للبحوث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بتطوير تطبيق سطح المكتب “كيم إكسبلور إم إل” (ChemXploreML)، وهو تطبيق سهل الاستخدام يُساعد الكيميائيين على إجراء هذه التنبؤات الحاسمة دون الحاجة إلى مهارات متقدمة في البرمجة. ويتميز التطبيق بأنه متوفر مجانًا، وسهل التحميل، ويعمل على المنصات الرئيسية، كما أنه مصمم للعمل دون اتصال بالإنترنت، مما يُساعد على الحفاظ على سرية بيانات البحث. وقد تم نشر تفاصيل هذه التقنية الجديدة في مجلة Journal of Chemical Information and Modeling.

آلية عمل التطبيق: من الهياكل الجزيئية إلى التنبؤات الدقيقة

تتمثل إحدى العقبات الرئيسية في تعلم الآلة الكيميائي في ترجمة الهياكل الجزيئية إلى لغة رقمية يفهمها الكمبيوتر. يُسهّل “كيم إكسبلور إم إل” هذه العملية المعقدة من خلال “مدمجات جزيئية” مدمجة وقوية، تُحوّل الهياكل الكيميائية إلى متجهات رقمية مُفيدة. بعد ذلك، يُطبق البرنامج خوارزميات متطورة للكشف عن الأنماط والتنبؤ بدقة بخواص الجزيئات، مثل نقاط الغليان والانصهار، وذلك من خلال واجهة رسومية تفاعلية سهلة الاستخدام.

أهداف التطبيق وإمكاناته

يقول أرافيند نيفاس ماريموثو، باحث ما بعد الدكتوراه في مجموعة ماكجواير والمؤلف الرئيسي للمقال: “يهدف كيم إكسبلور إم إل إلى تمكين استخدام تعلم الآلة في العلوم الكيميائية. من خلال إنشاء تطبيق سطح مكتب بديهي وقوي وقادر على العمل دون اتصال بالإنترنت، نضع نماذج التنبؤ المتطورة مباشرةً في أيدي الكيميائيين، بغض النظر عن خلفيتهم في البرمجة. لا يُسرّع هذا العمل البحث عن أدوية ومواد جديدة فحسب، من خلال جعل عملية الفحص أسرع وأرخص، بل إن تصميمه المرن يفتح أيضًا أبوابًا للابتكارات المستقبلية.”

دقة التطبيق وسرعته

صُمّم “كيم إكسبلور إم إل” ليتطور بمرور الوقت، بحيث يمكن دمج التقنيات والخوارزميات المستقبلية بسلاسة في التطبيق، مما يضمن حصول الباحثين دائمًا على أحدث الطرق. تم اختبار التطبيق على خمس خصائص جزيئية رئيسية للمركبات العضوية – نقطة الانصهار، نقطة الغليان، ضغط البخار، درجة الحرارة الحرجة، والضغط الحرج – وحقق درجات دقة عالية وصلت إلى 93% لدرجة الحرارة الحرجة. أظهر الباحثون أيضًا أن طريقة جديدة أكثر إيجازًا لتمثيل الجزيئات (VICGAE) كانت دقيقة تقريبًا مثل الطرق القياسية، مثل Mol2Vec، ولكنها كانت أسرع بعشر مرات.

المستقبل: التطبيقات الواسعة

يختتم ماريموثو قائلاً: “نتصور مستقبلاً يتمكن فيه أي باحث من تخصيص وتطبيق تعلم الآلة بسهولة لحل التحديات الفريدة، بدءًا من تطوير مواد مستدامة إلى استكشاف الكيمياء المعقدة للفضاء بين النجوم.” وقد شارك في كتابة البحث المؤلف البارز وبروفيسور الكيمياء المساعد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بريت ماكجواير.

المصدر: MIT News