تحكم ذكي للطائرات بدون طيار في بيئات غير مؤكدة باستخدام تقنيات التعلم الآلي
مقدمة
تُشكّل القدرة على التحكم الدقيق في الطائرات بدون طيار ذاتية القيادة في بيئات متغيرة، مثل الرياح العاتية أو التيارات الهوائية غير المتوقعة، تحديًا كبيرًا في مجال الروبوتات الجوية. يقدم هذا البحث، الذي أجراه باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، خوارزمية تحكم تكيفية جديدة تعتمد على تقنيات التعلم الآلي لتحسين دقة تتبع مسار الطيران في ظل هذه الظروف غير المتوقعة.
الخوارزمية التكيفية الجديدة
على عكس أساليب التحكم التقليدية التي تتطلب معرفة مسبقة بهيكل الاضطرابات الخارجية، تعتمد هذه الخوارزمية على نموذج ذكاء اصطناعي يتعلم من بيانات قليلة تُجمع خلال مدة قصيرة (15 دقيقة من وقت الطيران). يتمثل الابتكار الرئيسي في قدرة النظام على تحديد خوارزمية التحسين الأنسب تلقائيًا للتكيف مع الاضطرابات، وذلك بناءً على هندسة هذه الاضطرابات.
الاستراتيجية المعتمدة: التعلم الفائق (Meta-learning)
يستخدم الباحثون تقنية “التعلم الفائق” (Meta-learning) لتدريب نظام التحكم على تعلم كيفية التكيف مع أنواع مختلفة من الاضطرابات في وقت واحد. هذا النهج يسمح للنظام بتحسين أداء تتبع المسار بشكل ملحوظ.
مقارنة مع الأساليب التقليدية
أظهرت نتائج المحاكاة أن النظام الجديد حقق نسبة خطأ في تتبع المسار أقل بنسبة 50% مقارنة بالأساليب التقليدية، كما أنه أظهر أداءً أفضل في سرعات رياح لم يسبق رؤيتها خلال مرحلة التدريب.
آلية اختيار خوارزمية التحسين
تعتمد الخوارزمية على عائلة من خوارزميات “الهبوط المرآوي” (Mirror Descent)، حيث يتم اختيار الخوارزمية الأنسب تلقائيًا بناءً على خصائص الاضطراب. هذا يختلف عن الأساليب التقليدية التي تعتمد على خوارزمية “الهبوط المتدرج” (Gradient Descent) فقط.
الشبكات العصبونية وتعلم التمثيل المشترك
يستخدم النظام شبكة عصبونية لنمذجة الاضطرابات غير المعروفة بدلًا من الاعتماد على نماذج رياضية مسبقة. ويستخدم التعلم الفائق لتعلم تمثيل مشترك فعال عبر سيناريوهات مختلفة، مما يزيد من مرونة النظام وقدرته على التكيف.
التطبيقات المستقبلية
يمكن استخدام هذا النظام في العديد من التطبيقات، مثل:
- توصيل الطرود الثقيلة بكفاءة عالية في ظل ظروف رياح قوية.
- مراقبة المناطق المعرضة للحرائق.
النتائج والتجارب
أظهرت التجارب، سواءً في المحاكاة أو في التجارب العملية، أن الطريقة الجديدة أدت إلى انخفاض كبير في خطأ تتبع المسار مقارنة بالأساليب التقليدية، حتى في ظل ظروف رياح أقوى من تلك التي تم تدريب النظام عليها.
أبحاث مستقبلية
يخطط الباحثون لمواصلة أبحاثهم في عدة اتجاهات، منها:
- إجراء المزيد من التجارب العملية على طائرات بدون طيار حقيقية.
- تطوير النظام ليتعامل مع اضطرابات متعددة في وقت واحد.
- استكشاف تقنيات “التعلم المستمر” (Continual Learning) لتحديث النظام باستمرار دون الحاجة لإعادة التدريب الكامل.
استنتاج
يُعتبر هذا البحث إنجازًا مهمًا في مجال التحكم في الطائرات بدون طيار، حيث يقدم نظامًا ذكيًا وقادرًا على التكيف مع بيئات غير مؤكدة. يُعزى نجاح هذا النظام إلى الجمع بين تقنيات التعلم الآلي المتقدمة، مثل التعلم الفائق، وخوارزميات التحسين المتقدمة، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال الروبوتات الجوية. وقد أثنى البروفيسور بابك حسبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا على هذا العمل، مشيدًا بابتكاره ومساهمته المهمة في تصميم الأنظمة الذاتية.
اترك تعليقاً