جدول المحتويات

مقدمة

تعريف الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو فرع من فروع علوم الحاسوب يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشريًا. تشمل هذه المهام التعلم من البيانات، التعرف على الأنماط، حل المشكلات، واتخاذ القرارات. يتم تحقيق ذلك من خلال تطوير خوارزميات وتقنيات تتيح للآلات محاكاة قدرات التفكير والإدراك البشري.

دور الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات

لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في العديد من المجالات. في الطب، يُستخدم AI لتشخيص الأمراض وتطوير خطط العلاج الشخصية. في الصناعة، يساعد على تحسين كفاءة الإنتاج من خلال الصيانة التنبؤية وإدارة سلسلة الإمداد. في النقل، تقود التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي تطوير السيارات ذاتية القيادة وتحسين حركة المرور. كما يلعب AI دورًا حيويًا في مجالات مثل الأمن السيبراني، تحليل البيانات، والتجارة الإلكترونية، مما يعزز الابتكار ويخلق فرصًا جديدة.

لمحة عامة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء

في السنوات الأخيرة، برز الذكاء الاصطناعي كأداة قوية في مجال الكيمياء، مما أسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة الاكتشافات الكيميائية وتحسين الكفاءة في البحوث الكيميائية. يستخدم AI في الكيمياء لتصميم جزيئات جديدة، التنبؤ بالخصائص الفيزيائية والكيميائية للمركبات، وتحسين التفاعلات الكيميائية. من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات الكيميائية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدد أنماطًا وعلاقات غير مرئية للعين البشرية، مما يسهم في اكتشاف أدوية جديدة وتحسين العمليات الصناعية الكيميائية بشكل كبير.

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير الطريقة التي نفهم بها العمليات الكيميائية ونتفاعل معها، حيث يتيح للعلماء التركيز على الابتكار والإبداع بدلاً من المهام الروتينية. من المتوقع أن يستمر تأثير AI في الكيمياء في النمو، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث والتطبيقات الصناعية التي لم تكن ممكنة من قبل.


التاريخ والتطور

نشأة الذكاء الاصطناعي

نشأ الذكاء الاصطناعي كحقل دراسي في منتصف القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1956، عندما نظم جون مكارثي ورشة عمل في كلية دارتموث، حيث تم صياغة مصطلح “الذكاء الاصطناعي”. كانت هذه الورشة نقطة انطلاق لبحوث الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت مجموعة من العلماء والمهندسين في تطوير خوارزميات ونماذج حاسوبية تهدف إلى محاكاة الذكاء البشري. خلال العقود التالية، شهد هذا المجال تطورات متسارعة، حيث انتقل من نظريات وأفكار أولية إلى تطبيقات عملية تشمل التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية، ورؤية الكمبيوتر.

تطور الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الكيميائية

مع التقدم في قدرات الحوسبة وزيادة توافر البيانات الكيميائية، بدأ الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا متزايد الأهمية في الأبحاث الكيميائية. في الثمانينيات والتسعينيات، ظهرت أولى التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في الكيمياء، والتي كانت تركز بشكل أساسي على الأنظمة الخبيرة التي تساعد العلماء في اتخاذ القرارات المعقدة. مع مطلع القرن الحادي والعشرين، بدأ استخدام تقنيات التعلم الآلي والشبكات العصبية الاصطناعية في تحليل البيانات الكيميائية وتوقع خصائص المواد الكيميائية.

أمثلة تاريخية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء

من الأمثلة البارزة على استخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء هو برنامج “DENDRAL“، الذي تم تطويره في الستينيات من قبل بروس بوكانان، إدوارد فيغنبوم، وجوشوا ليدرغبرغ في جامعة ستانفورد. كان DENDRAL أحد أولى الأنظمة الخبيرة وهدفه كان تحديد التركيب الكيميائي للمركبات العضوية من خلال تحليل أطياف الكتلة. هذا البرنامج أثبت فعاليته وساهم في تقدم علم الطيف الكتلي.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ استخدام التعلم العميق لتحليل البيانات الكيميائية الكبيرة. مثال على ذلك هو استخدام الشبكات العصبية العميقة لتصميم جزيئات جديدة بخصائص محددة. إحدى الدراسات الرائدة في هذا المجال كانت من قبل فريق من جامعة تورنتو في عام 2012، حيث استخدموا التعلم العميق لتطوير نماذج قادرة على التنبؤ بخصائص الجزيئات بدقة عالية.

كما يمكن الإشارة إلى مشروع “AlphaFold” من شركة DeepMind، الذي حقق تقدمًا كبيرًا في طي البروتينات، وهي مشكلة طويلة الأمد في علم الأحياء الجزيئي والكيمياء الحيوية. في عام 2020، تمكن AlphaFold من التنبؤ بهياكل البروتينات بدقة غير مسبوقة، مما ساعد في فهم أفضل لتفاعل البروتينات ودورها في العمليات الحيوية.


التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في الكيمياء

اكتشاف الأدوية وتصميمها

أحد أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكيمياء هو في مجال اكتشاف الأدوية وتصميمها. تقليديًا، كانت عملية اكتشاف الأدوية تستغرق سنوات وتتطلب استثمارات ضخمة. مع دخول الذكاء الاصطناعي، تم تسريع هذه العملية بشكل كبير. تستخدم تقنيات مثل التعلم العميق والشبكات العصبية الاصطناعية لتحليل مجموعات بيانات ضخمة من المركبات الكيميائية وتحديد الجزيئات التي قد تكون فعالة كأدوية. على سبيل المثال، تقوم منصات مثل Atomwise وInsilico Medicine بتطبيق خوارزميات التعلم الآلي للتنبؤ بكيفية تفاعل الجزيئات مع الأهداف البيولوجية، مما يقلل من الحاجة إلى التجارب المعملية المكلفة والطويلة.

التنبؤ بالخصائص الكيميائية والفيزيائية

يساهم الذكاء الاصطناعي أيضًا في التنبؤ بالخصائص الكيميائية والفيزيائية للمواد. يمكن لنماذج التعلم الآلي تحليل البيانات المتاحة لتحديد خصائص مثل الاستقرار الحراري، السمية، والفعالية التحفيزية. هذه القدرة تساعد العلماء في تصميم مواد جديدة بخصائص محددة تلبي احتياجات معينة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم بطاريات أكثر كفاءة أو مواد نانوية ذات خصائص فريدة. كما يستخدم في تطوير المواد البوليمرية وتحسين أداء المواد المستخدمة في الصناعات المختلفة.

تحسين العمليات الصناعية

في المجال الصناعي، يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين العمليات الكيميائية لجعلها أكثر كفاءة وأمانًا. يستخدم AI لتحليل البيانات التشغيلية وتحديد الأنماط التي يمكن أن تؤدي إلى تحسينات في الإنتاج. يمكن للتعلم الآلي، على سبيل المثال، تحسين عمليات التفاعل الكيميائي من خلال التحكم في الظروف المثلى للعمليات مثل درجة الحرارة، الضغط، وتركيز المواد. هذا يؤدي إلى تقليل الهدر وزيادة العوائد. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأعطال وصيانة المعدات بشكل استباقي، مما يقلل من فترات التوقف ويحسن الكفاءة التشغيلية.

نمذجة التفاعلات الكيميائية

يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في نمذجة التفاعلات الكيميائية. من خلال استخدام خوارزميات متقدمة، يمكن للباحثين نمذجة وفهم تفاعلات معقدة على المستوى الجزيئي. يساعد هذا في تصميم تجارب أكثر فعالية وتطوير تفاعلات جديدة. على سبيل المثال، يستخدم الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بمسارات التفاعل الممكنة وتحديد الظروف المثلى لتحقيق نتائج مرغوبة. يمكن أيضًا استخدامه لمحاكاة ديناميكيات التفاعلات الكيميائية في ظروف مختلفة، مما يوفر رؤى دقيقة حول كيفية تحسين هذه التفاعلات.


التقنيات والأنظمة

التعلم الآلي والشبكات العصبية

هل تعلم أن التعلم الآلي (ML) والشبكات العصبية الاصطناعية (ANNs) هما من أبرز التقنيات المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكيمياء. وأزيد من الشعر بيتاً أن التعلم الآلي هو فرع من الذكاء الاصطناعي يركز على تطوير خوارزميات تمكن الأجهزة من التعلم من البيانات واستخلاص الأنماط منها. في الكيمياء، يتم استخدام التعلم الآلي لتحليل مجموعات بيانات ضخمة والتنبؤ بالخصائص الكيميائية والفيزيائية للمواد. الشبكات العصبية الاصطناعية، وهي نماذج رياضية مستوحاة من هيكل الدماغ البشري، تُستخدم بشكل خاص في تصميم جزيئات جديدة وتنبؤ التفاعلات الكيميائية. على سبيل المثال، يمكن للشبكات العصبية العميقة التنبؤ بفعالية مركب كدواء محتمل من خلال تحليل هيكله الجزيئي.

الخوارزميات الجينية

الخوارزميات الجينية (GAs) هي تقنية مستوحاة من نظرية التطور الطبيعي وتستخدم في تحسين وتصميم الأنظمة الكيميائية. تعتمد هذه الخوارزميات على عملية “الانتقاء الطبيعي” حيث تتطور مجموعة من الحلول نحو الأفضل من خلال عمليات التزاوج، الطفرات، والاختيار. في الكيمياء، تُستخدم الخوارزميات الجينية لتحسين عمليات التفاعل الكيميائي وتصميم المواد. على سبيل المثال، يمكن استخدام GAs للبحث عن أفضل الشروط لتفاعل كيميائي معين لتحقيق أعلى إنتاجية أو لتطوير مركبات جديدة بخصائص محددة.

الأنظمة الخبيرة

الأنظمة الخبيرة هي نوع آخر من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُستخدم في الكيمياء. هذه الأنظمة تعتمد على قواعد ومعرفة مكتسبة من الخبراء البشريين في مجال معين، وتُستخدم لحل المشكلات التي تتطلب خبرة متخصصة. في الكيمياء، يمكن للأنظمة الخبيرة مساعدة العلماء في اتخاذ قرارات معقدة مثل تخطيط تجارب جديدة أو تشخيص مشاكل في العمليات الكيميائية. على سبيل المثال، يمكن لنظام خبير في الكيمياء العضوية اقتراح مسارات تخليقية لمركب كيميائي معين بناءً على قواعد ومعرفة مدمجة في النظام.

تحليل البيانات الضخمة

تحليل البيانات الضخمة (Big Data Analytics) هو مجال مهم آخر يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستخلاص رؤى من كميات هائلة من البيانات. في الكيمياء، تتولد كميات ضخمة من البيانات من خلال التجارب والأبحاث، ويُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل هذه البيانات وتحديد الأنماط والاتجاهات التي قد تكون غير مرئية بالطرق التقليدية. هذا يمكن أن يساعد في تسريع عملية الاكتشافات الكيميائية وتطوير مواد جديدة. على سبيل المثال، يمكن استخدام تحليل البيانات الضخمة لتحليل نتائج آلاف التجارب الكيميائية بسرعة واكتشاف علاقات جديدة بين المركبات الكيميائية وخصائصها.


فوائد الذكاء الاصطناعي في الكيمياء

فوائد الذكاء الاصطناعي في الكيمياء
فوائد الذكاء الاصطناعي في الكيمياء

زيادة الدقة والكفاءة

إحدى أهم فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء هي زيادة الدقة والكفاءة في الأبحاث والتطبيقات العملية. تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والشبكات العصبية، قادرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة تتفوق على القدرات البشرية. هذا يؤدي إلى تحسين دقة التنبؤات حول خصائص المركبات والتفاعلات الكيميائية، مما يساعد العلماء على اتخاذ قرارات أكثر استنارة. على سبيل المثال، يمكن لنماذج التعلم الآلي تحديد الشروط المثلى لتفاعل كيميائي معين بدقة عالية، مما يقلل من الحاجة إلى التجارب المتكررة والمرهقة.

توفير الوقت والتكاليف

من خلال تحسين العمليات الكيميائية وتسريعها، يساهم الذكاء الاصطناعي في توفير الوقت والتكاليف. البحث والتطوير في الكيمياء يمكن أن يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلًا، ولكن مع استخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تسريع هذه العمليات بشكل كبير. على سبيل المثال، في مجال اكتشاف الأدوية، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل مئات الآلاف من المركبات في وقت قصير وتحديد المرشحين الأكثر وعدًا للاختبارات السريرية. هذا يقلل من الحاجة إلى التجارب المعملية المكلفة ويوفر موارد هائلة.

تحسين الابتكار والبحث

يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين الابتكار والبحث في الكيمياء. تقنيات مثل تحليل البيانات الضخمة والتعلم العميق تساعد الباحثين على اكتشاف أنماط وعلاقات جديدة في البيانات الكيميائية التي قد تكون غير مرئية بالطرق التقليدية. هذا يفتح أبوابًا جديدة للابتكار وتطوير مواد وتقنيات جديدة. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف مواد جديدة بخصائص محسنة، مثل مواد بوليمرية جديدة ذات خصائص ميكانيكية فريدة أو محفزات كيميائية أكثر فعالية.

تعزيز الأمان والاستدامة

يعد تعزيز الأمان والاستدامة من الفوائد الرئيسية الأخرى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء. من خلال تحسين دقة التنبؤات وتقليل الحاجة إلى التجارب المعملية الخطرة، يساهم الذكاء الاصطناعي في تقليل المخاطر المرتبطة بالبحث الكيميائي. كما يساعد في تطوير مواد وعمليات أكثر استدامة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم محفزات كيميائية تقلل من النفايات وتزيد من كفاءة استخدام المواد الخام، مما يساهم في تطوير عمليات صناعية أكثر صداقة للبيئة.


التحديات والمخاطر

القضايا الأخلاقية والقانونية

استخدام الذكاء الاصطناعي في الكيمياء يثير عددًا من القضايا الأخلاقية والقانونية التي يجب معالجتها بعناية. من بين هذه القضايا، حماية الملكية الفكرية والخصوصية. تتطلب البيانات الكيميائية غالبًا حماية صارمة، وقد يؤدي الاعتماد على الأنظمة الذكية إلى مخاطر تسريب البيانات أو استخدامها بطرق غير مصرح بها. بالإضافة إلى ذلك، قد تثير قرارات الأنظمة الذكية التي تؤثر على الصحة والسلامة البشرية قضايا قانونية تتعلق بالمسؤولية. على سبيل المثال، إذا أوصت خوارزمية باستخدام مركب كيميائي معين أدى إلى آثار جانبية ضارة، فالسؤال يصبح من يتحمل المسؤولية القانونية عن تلك التوصية.

القيود التقنية

على الرغم من التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا تزال هناك قيود تقنية تواجه تطبيق هذه التقنيات في الكيمياء. تتطلب النماذج المتقدمة كمية هائلة من البيانات عالية الجودة لتدريبها بشكل فعال، وفي بعض الأحيان، قد لا تكون هذه البيانات متاحة بسهولة. علاوة على ذلك، تعاني بعض الخوارزميات من مشاكل مثل الإفراط في التعلم أو عدم القدرة على التعميم على بيانات جديدة، مما يقلل من دقتها وفعاليتها. أيضاً، تتطلب الأنظمة المعقدة موارد حوسبة كبيرة، مما قد يكون مكلفًا ومعقدًا للمؤسسات الأكاديمية والصناعية.

خطر الاعتماد المفرط على الأنظمة الآلية

رغم الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، إلا أن الاعتماد المفرط على الأنظمة الآلية يمثل خطرًا كبيرًا. يمكن أن يؤدي الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الخبرة البشرية والإبداع في مجال البحث الكيميائي. بينما يمكن للأنظمة الذكية تقديم توصيات مبنية على البيانات، إلا أن الفهم العميق والنقدي للعلماء لا يزال ضروريًا لتفسير النتائج واتخاذ القرارات النهائية. بالإضافة إلى ذلك، إذا حدث خلل في النظام أو تم استخدام بيانات غير صحيحة، قد يؤدي ذلك إلى استنتاجات خاطئة أو قرارات غير صحيحة، مما قد يكون له عواقب وخيمة في البيئات البحثية والصناعية.


أمثلة ودراسات حالة

دراسة حالة: استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف عقار جديد

إحدى الأمثلة البارزة على استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية هي شركة “Atomwise”، التي طورت منصة AI تعتمد على التعلم العميق لتحليل تريليونات من التركيبات الكيميائية. في عام 2015، استخدمت Atomwise تقنيتها للتعرف على جزيئات قادرة على تثبيط فيروس الإيبولا. من خلال تحليل ملايين المركبات في وقت قصير، تمكنت الشركة من تحديد مركبين واعدين لمكافحة الفيروس، مما اختصر وقت البحث الذي قد يستغرق سنوات إلى بضعة أسابيع فقط. هذا النجاح لم يكن ليكون ممكنًا دون استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المعقدة بسرعة وبدقة.

دراسة حالة: تحسين تفاعل كيميائي باستخدام الخوارزميات

مثال آخر هو استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين التفاعلات الكيميائية في الصناعة. قامت شركة “IBM Research” بتطوير نظام ذكاء اصطناعي يسمى “RXN for Chemistry” يعتمد على التعلم الآلي لتصميم وتحسين التفاعلات الكيميائية. في إحدى الحالات، تم استخدام هذا النظام لتحسين تفاعل كيميائي معقد يستخدم في صناعة الأدوية. تمكن النظام من اقتراح تغييرات في ظروف التفاعل، مثل درجة الحرارة والضغط والمحفزات، مما أدى إلى زيادة الكفاءة والعائد بنسبة 30%. هذا النوع من التحسين يساعد في تقليل التكاليف والوقت اللازم لإنتاج المركبات الكيميائية.

دراسة حالة: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كيمياء المواد

في مجال كيمياء المواد، يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف وتطوير مواد جديدة بخصائص محسنة. مثال على ذلك هو مشروع “The Materials Project” الذي تستخدم فيه تقنيات AI لتحليل بيانات المواد وتنبؤ خصائصها. في إحدى الدراسات، استخدم فريق البحث الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مواد جديدة لبطاريات الليثيوم أيون. من خلال تحليل البيانات الضخمة، تمكن النظام من تحديد مواد جديدة بخصائص كهربائية وكيميائية محسنة، مما يمكن أن يؤدي إلى تطوير بطاريات أكثر كفاءة وأطول عمرًا. هذا النوع من البحث يساعد في تطوير مواد متقدمة لمختلف التطبيقات الصناعية والتكنولوجية.


المستقبل وآفاق التطور

التوجهات المستقبلية في البحث والتطوير

يشير الاتجاه الحالي في مجال الذكاء الاصطناعي في الكيمياء إلى مزيد من التطور والتقدم في السنوات القادمة. من المتوقع أن تتواصل الجهود في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على التعلم الآلي وتحليل البيانات الضخمة، مما سيسهم في تحسين الدقة والفعالية في الأبحاث الكيميائية. كما من المتوقع أن تزيد الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي من توسع نطاق تطبيقاته في مختلف مجالات الكيمياء، بما في ذلك اكتشاف الأدوية، وتحسين العمليات الصناعية، وتصميم المواد.

تأثيرات الذكاء الاصطناعي على تعليم الكيمياء

مع تطور التقنيات الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن يشهد تعليم الكيمياء تحولًا هامًا. قد يؤدي استخدام التعلم الآلي وتقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تحسين طرق التدريس وتوفير تجارب تعليمية أكثر تفاعلية وفعالية. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوات تقويمية وتقييمية متقدمة لتحليل أداء الطلاب وتقديم توجيهات شخصية لتحسين الفهم والتعلم.

التعاون بين العلماء والمهندسين في تطوير حلول مبتكرة

من المهم أن نشير إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الكيمياء تتطلب التعاون الوثيق بين العلماء والمهندسين من مختلف التخصصات. يتطلب تطوير حلول مبتكرة في هذا المجال فهماً عميقاً للعلوم الكيميائية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مهارات البرمجة والهندسة. بالتعاون المستمر بين هذه الفئات المختلفة من الخبراء، يمكن تطوير تقنيات جديدة وحلول مبتكرة تعزز التقدم في مجال الكيمياء وتحقق تطبيقات أكثر فعالية وأمانًا للذكاء الاصطناعي.


مقالات رائعة قد تنال إعجابك:

استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الفيزيائية

الذكاء الاصطناعي في التعليم | دليل شامل

كيف أتحدث مع الذكاء الاصطناعي مجانا؟ دليل شامل 2024

الخاتمة

في هذا المقال، استكشفنا دور الذكاء الاصطناعي في مجال الكيمياء وكيف يمكن أن يحدث تحولًا كبيرًا في البحث والتطبيقات الكيميائية. تبين لنا أن استخدام التقنيات الذكية يسهم في تحسين الدقة والكفاءة في مجالات مثل اكتشاف الأدوية وتحسين العمليات الصناعية وتصميم المواد. كما تم استعراض التحديات والمخاطر المرتبطة بهذه التقنيات، مثل القضايا الأخلاقية والقانونية والقيود التقنية.

تتجلى التوصيات المستقبلية في ضرورة مواصلة البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الكيمياء، مع التركيز على تعزيز التعاون بين العلماء والمهندسين وتبادل المعرفة والخبرات. كما ينبغي النظر في تطوير إطار أخلاقي وقانوني يضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لتلك التقنيات دون المساس بالخصوصية والأمان.

في النهاية، يظل الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تعزز التقدم في مجال الكيمياء، ولكن الدور الرئيسي يبقى للإنسان وخبرته وإبداعه. نحن نتطلع إلى مستقبل مشرق حيث يسهم التطور السريع في التقنيات الذكية في تحقيق تقدم كبير في فهمنا وتطبيقاتنا للعلوم الكيميائية.