مقدمة

يشهد العالم نمواً متسارعاً في مجال الحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في استهلاك الطاقة، ويهدد هذا الارتفاع شبكات الكهرباء ويُعيق تحقيق أهداف المناخ. في الوقت نفسه، يُمكن أن تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة في أنظمة الطاقة، مُسَرّعةً بذلك الانتقال إلى الطاقة النظيفة. ناقشَ ندوةٌ ربيعيةٌ نظّمتها مبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للطاقة (MITEI) في 13 مايو تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي والطاقة: المخاطر والوعود” هذه التحديات والفرص.

الطلب المتزايد على الطاقة: أرقام مثيرة للقلق

سلّطت الندوة الضوء على إحصائيات مقلقة حول استهلاك الذكاء الاصطناعي للكهرباء. فبعد عقود من ثبات الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة، تستهلك مراكز الحوسبة حاليًا حوالي 4% من كهرباء البلاد. وتشير بعض التوقعات، رغم وجود عدم يقين كبير، إلى أن هذا الطلب قد يرتفع إلى 12-15% بحلول عام 2030، مدفوعًا بشكل كبير بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

حجم الاستهلاك:

أكد علماء من مختبر لينكون التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الطاقة المطلوبة لتشغيل بعض النماذج الضخمة تتضاعف كل ثلاثة أشهر تقريبًا. فمثلاً، تستهلك محادثة واحدة على ChatGPT قدرًا من الكهرباء يعادل شحن الهاتف، بينما يستهلك توليد صورة ما قدرًا من الطاقة يُعادل تبريد زجاجة ماء.

المراكز الضخمة:

ظهرت بسرعة مراكز بيانات تستهلك من 50 إلى 100 ميجاوات من الطاقة في الولايات المتحدة والعالم، مدفوعةً باحتياجات البحث الأكاديمي والتطبيقي التي تعتمد على برامج اللغات الكبيرة مثل ChatGPT و Gemini. وقد أشار رئيس OpenAI إلى أن تكلفة الذكاء الاصطناعي ستتوافق مع تكلفة الطاقة.

الفرص: الذكاء الاصطناعي كمحفز للانتقال للطاقة النظيفة

رغم التحديات، تُمثل قدرة الذكاء الاصطناعي الهائلة فرصةً كبيرةً للمساهمة في حلول تغير المناخ. فابتكارات مراكز البيانات، مثل تقنيات الكفاءة والتبريد وحلول الطاقة النظيفة، يمكن أن يكون لها تطبيقات واسعة النطاق تتجاوز مراكز الحوسبة نفسها.

استراتيجيات الطاقة النظيفة

استكشفت الندوة مسارات متعددة لمعالجة تحدي الطاقة والذكاء الاصطناعي:

  • نماذج التنبؤ: بعض النماذج تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يزيد الانبعاثات على المدى القصير، لكن قد يحقق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات بعد عام 2030 من خلال أنظمة الطاقة الأكثر كفاءة وتسريع تطوير التكنولوجيا النظيفة.
  • التباين الإقليمي: تختلف تكلفة تشغيل مراكز الحوسبة بالطاقة النظيفة اختلافًا إقليميًا. فمنطقة وسط الولايات المتحدة تقدم تكاليف أقل بكثير نظرًا لتوفر موارد الطاقة الشمسية والرياح. ولكن، يتطلب تحقيق انبعاثات صفرية نشرًا ضخمًا للبطاريات، مما يزيد التكاليف.
  • تقنيات تخزين الطاقة: يُشير خبراء إلى الحاجة إلى تقنيات تخزين طاقة طويلة الأمد، والمفاعلات النووية الصغيرة، والطاقة الحرارية الأرضية، أو الأساليب الهجينة.
  • الطاقة النووية: هناك اهتمام متجدد بالطاقة النووية بسبب الطلب المتزايد على الطاقة من مراكز البيانات.

تسريع الانتقال للطاقة النظيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين أنظمة الطاقة بشكل كبير، من خلال:

  • تحسين شبكات الطاقة: يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع تحسين شبكات الطاقة من خلال دمج القيود القائمة على الفيزياء في الشبكات العصبية.
  • تقليل الانبعاثات الكربونية: يُستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل في تقليل الانبعاثات الكربونية، مثل ميزة التوجيه الموفرة للوقود في خرائط Google.
  • اكتشاف المواد: يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع اكتشاف المواد اللازمة لتطبيقات الطاقة.

التوازن بين النمو والاستدامة

يجب تحقيق التوازن بين نشر الذكاء الاصطناعي السريع وتأثيراته البيئية. يجب التركيز على الكفاءة في جميع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مع مراعاة مفارقة جيفونز (حيث تؤدي المكاسب في الكفاءة إلى زيادة استهلاك الموارد). يُعتبر تخصيص الطاقة لمراكز الحوسبة بشكل مدروس أمرًا ضروريًا.

دور معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

يُبرز هذا الحدث الدور المحوري لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تطوير حلول لتحدي الطاقة والذكاء الاصطناعي، من خلال برنامج جديد يركز على مراكز الحوسبة والطاقة والحوسبة، بالإضافة إلى أبحاث مشروع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للمناخ.

الاستنتاج

يُمثل التحدي المتمثل في استهلاك الطاقة من قبل الذكاء الاصطناعي فرصةً لتحقيق تقدم كبير في مجال الطاقة النظيفة. يتطلب ذلك تعاونًا بين القطاعات المختلفة، وبحثًا مكثفًا في مجالات الطاقة المتجددة، وتقنيات تخزين الطاقة، وكفاءة استخدام الطاقة في مراكز البيانات، بالإضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الطاقة.

المصدر: MIT News