إطار عمل جديد للذكاء الاصطناعي: تحديد مهام الأتمتة والتعزيز في بيئة العمل
يُعيد الذكاء الاصطناعي تعريف أداء المهام الوظيفية من خلال وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على تنفيذ مهام معقدة وهادفة. على عكس الخوارزميات الثابتة، تجمع هذه الوكلاء بين التخطيط متعدد الخطوات وأدوات البرمجيات لإدارة سير العمل بأكمله عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم والقانون والمالية واللوجستيات. وليس دمجها مجرد نظرية، بل يطبقها العاملون بالفعل لدعم مجموعة متنوعة من المهام المهنية. ونتيجة لذلك، نشهد بيئة عمل في طور التحول، حيث يتم إعادة تعريف حدود التعاون بين الإنسان والآلة يوميًا.
سد الفجوة بين إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتفضيلات العاملين
تتمثل إحدى المشاكل المستمرة في هذا التحول في عدم التوافق بين ما تستطيع وكلاء الذكاء الاصطناعي فعله وما يرغب العاملون في أن تفعله. حتى لو كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة تقنيًا على تولي مهمة ما، فقد لا يدعم العاملون هذا التحول نظرًا لمخاوف تتعلق بالرضا الوظيفي، أو تعقيد المهمة، أو أهمية الحكم البشري. وفي الوقت نفسه، قد تفتقر المهام التي يتوق العاملون إلى تفويضها إلى حلول ذكاء اصطناعي ناضجة. ويشكل هذا التناقض عقبة كبيرة أمام النشر المسؤول والفعال للذكاء الاصطناعي في القوى العاملة.
تجاوز مهندسي البرمجيات: تقييم شامل للقوى العاملة
حتى وقت قريب، كانت تقييمات اعتماد الذكاء الاصطناعي تركز غالبًا على عدد قليل من الأدوار، مثل هندسة البرمجيات أو خدمة العملاء، مما يحد من فهم تأثير الذكاء الاصطناعي على التنوع المهني الأوسع. كما أعطت معظم هذه الأساليب الأولوية لإنتاجية الشركة على تجربة العامل. وقد اعتمدت على تحليل أنماط الاستخدام الحالية، والتي لا توفر رؤية مستقبلية. ونتيجة لذلك، افتقر تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي إلى أساس شامل قائم على تفضيلات واحتياجات الأشخاص الذين يؤدون العمل الفعلي.
قاعدة بيانات WORKBank من جامعة ستانفورد: الاستماع إلى أصوات العمال الحقيقية
قدم فريق البحث من جامعة ستانفورد إطار عمل مراجعة قائم على الاستطلاعات، والذي يقيم المهام التي يفضل العاملون أتمتتها أو تعزيزها، ويقارن ذلك بتقييمات الخبراء لإمكانيات الذكاء الاصطناعي. باستخدام بيانات المهام من قاعدة بيانات O*NET التابعة لوزارة العمل الأمريكية، أنشأ الباحثون قاعدة بيانات WORKBank، وهي مجموعة بيانات تستند إلى استجابات من 1500 عامل ميداني وتقييمات من 52 خبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد استخدم الفريق مقابلات مصغرة مدعومة بصوت لتجميع التفضيلات الدقيقة. وقد قدم مقياس الوكالة البشرية (HAS)، وهو مقياس من خمسة مستويات يلتقط المدى المطلوب للمشاركة البشرية في إكمال المهمة.
مقياس الوكالة البشرية (HAS): قياس المستوى الصحيح لإشراك الذكاء الاصطناعي
يقع في قلب هذا الإطار مقياس الوكالة البشرية، الذي يتراوح من H1 (تحكم كامل للذكاء الاصطناعي) إلى H5 (تحكم بشري كامل). يقر هذا النهج بأن ليس كل المهام تستفيد من الأتمتة الكاملة، ولا ينبغي أن تهدف كل أداة ذكاء اصطناعي إلى ذلك. على سبيل المثال، المهام المصنفة H1 أو H2 – مثل نسخ البيانات أو إنشاء تقارير روتينية – مناسبة تمامًا للتنفيذ المستقل للذكاء الاصطناعي. في حين أن المهام مثل تخطيط برامج التدريب أو المشاركة في المناقشات المتعلقة بالأمن غالبًا ما تم تصنيفها على أنها H4 أو H5، مما يعكس الطلب الكبير على الإشراف البشري. جمع الباحثون مدخلات مزدوجة: قام العمال بتقييم رغبتهم في الأتمتة ومستوى HAS المفضل لكل مهمة، بينما قام الخبراء بتقييم القدرة الحالية للذكاء الاصطناعي لهذه المهمة.
رؤى من WORKBank: أين يقبل العمال أو يقاومون الذكاء الاصطناعي
كشفت نتائج قاعدة بيانات WORKBank عن أنماط واضحة. حصلت ما يقرب من 46.1٪ من المهام على رغبة عالية في الأتمتة من العمال، خاصة تلك التي تُعتبر منخفضة القيمة أو متكررة. على العكس من ذلك، وجد مقاومة كبيرة في المهام التي تتضمن الإبداع أو الديناميكيات الشخصية، بغض النظر عن القدرة التقنية للذكاء الاصطناعي على أدائها. من خلال تغطية تفضيلات العمال والقدرات الخبيرة، تم تقسيم المهام إلى أربع مناطق: منطقة “الضوء الأخضر” للأتمتة (قدرة عالية ورغبة عالية)، ومنطقة “الضوء الأحمر” للأتمتة (قدرة عالية ولكن رغبة منخفضة)، ومنطقة فرصة البحث والتطوير (قدرة منخفضة ولكن رغبة عالية)، ومنطقة ذات أولوية منخفضة (رغبة منخفضة وقدرة منخفضة). تماشى 41٪ من المهام المتوافقة مع الشركات التي تم تمويلها بواسطة Y Combinator مع مناطق الأولوية المنخفضة أو الضوء الأحمر، مما يشير إلى وجود عدم تطابق محتمل بين استثمارات الشركات الناشئة واحتياجات العمال.
نحو نشر مسؤول للذكاء الاصطناعي في القوى العاملة
يقدم هذا البحث صورة واضحة لكيفية يمكن التعامل مع دمج الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر مسؤولية. لم يكشف فريق ستانفورد فقط عن المكان الذي تكون فيه الأتمتة ممكنة تقنيًا، بل أيضًا عن المكان الذي يكون فيه العمال متقبلين لها. يتجاوز إطار عملهم على مستوى المهمة الجاهزية التقنية ليشمل القيم الإنسانية، مما يجعله أداة قيّمة لتطوير الذكاء الاصطناعي، وسياسات العمل، واستراتيجيات تدريب القوى العاملة.
ملخص: يقدم هذا البحث قاعدة بيانات WORKBank، وهي مجموعة بيانات واسعة النطاق تجمع بين تفضيلات العمال وتقييمات خبراء الذكاء الاصطناعي عبر 844 مهمة و 104 مهنة، لتقييم أين يجب على وكلاء الذكاء الاصطناعي أتمتة العمل أو تعزيزه. باستخدام مقياس الوكالة البشرية (HAS) الجديد، يكشف البحث عن مشهد أتمتة معقد، يبرز عدم تطابق بين القدرة التقنية ورغبة العامل. تُظهر النتائج أن العمال يرحبون بالأتمتة للمهام المتكررة، لكنهم يقاومونها في الأدوار التي تتطلب الإبداع أو المهارات الشخصية. يوفر الإطار رؤى عملية للنشر المسؤول للذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع القيم الإنسانية.
اترك تعليقاً